المرأة التونسية... الباتيندة السياسية !

الحصري - مقال رأي
بقلم نوال بيزيد
لازالت الاحزاب تعلن عن قائماتها واحدا تلو الاخر و لا زلنا ننتظر أيهم سيكون الاوفى لخطابه السياسي فيما يتعلق بترأس النساء للقائمات بعد أن صدع " رجال " السياسة رؤوس التونسيين بالشعارات الرنانة التي تدافع عن حقوق المرأة وتعتبرها ركيزة هامة في المشهد السياسي في تونس ، بل تتجاوزه للاقتصادي والاجتماعي وغيرها من المجالات .
لطالما سمع التونسيين الشعارات المدافعة عن المرأة كما ورد في مجلة الاحوال الشخصية والفصل 45 من الدستور وغيره من الحقوق التي أريد بها باطل، أنغاما طالما رددتها الأبواق المأجورة و الأفواه المهجورة في نشاز سياسوي تحت مظلة حقوق المرأة، لتسويق صورة تقدمية للمجتمع التونسي أو لاستقطاب تمويلات اجنبية لصالح قضايا نسوية وما إلى ذلك من ممارسات متناقضة مع ما يحدث على ارض الواقع.
يتصدر حزب آفاق تونس و حزب التيار الديمقراطي صدارة الحضور النسائي على رأس القائمات من حيث العدد. اذ أن كلاهما رشح سبعة نساء من جملة 33 قائمة. يليهما التكتل والمؤتمر و الجبهة التي عولت على صيت النساء المرشحات أكثر من أي شيء آخر كمباركة البراهمي أرملة الشهيد محمد البراهمي و الفنانة آمال الحمروني من مجموعة البحث الموسيقي سابقا.
على مستوى الاحزاب الكبرى، نجد مثلا حركة النهضة التي عولت كثيرا على العنصر النسائي في انتخابات 2011 تتراجع بنسبة ملحوظة عن هذا التوجه فنجد مثلا محرزية العبيدي على رأس قائمة نابل لا لانتمائها للجهة أو دفعا بالنساء للترأس إنما لمواجهة منافس الحركة الأول نداء تونس و تحديدا مرشحته عن نفس الجهة سلمى اللومي.
كذلك في نداء تونس الذي يتباهى بالحداثية و الخطاب النسوي المتشدد احيانا خاصة حينما يرتبط ذلك بانجازات بورڨيبة للمرأة. و رغم هذا لا نجد أي اسم من الكفاءات النسائية مثل بشرى بالحاج حميدة أو سعيدة ڨراش و غيرهن.
من المعروف ان الاحزاب، خاصة الكبرى منها، لا تفتقر للمناضلات و الكفاءات النسائية فذلك يتناقض مع ما يروج له من تواجد نسوي و خطاب سياسي و احياء لاعياد و مناسبات تحتفي بالمرأة. ذلك يجعلنا نتساءل أهي نقص كفاءة أم انعدام ثقة أم مجرد اختيار؟
تدافع النهضة و النداء عن هذا التوجه بحجة أن المنافسة على اشدها بين الاحزاب يجعلها لا تغامر باسماء غير معروفة على رؤوس القائمات. و كأن الناخب "المؤدلج" خاصة، سيصوت لصالح الاشخاص و ليس الحزب و لعل ابرز دليل على ذلك هو صعود الكثير من النساء الغير معروفات على قائمات النهضة في الانتخابات السابقة.
لان الحملات لا تقتصر فقط على شهرة الشخص في حد ذاته التي لا يجب ان تكون بالضرورة شهرة على المستوى الوطني انما على المستوى الجهوي. فاشعاع اعضاء القائمات في نطاق دائرتهم هو اهم من اشعاعهم خارجها. لكن ذلك يظل تفصيلا طالما انزوت القائمة تحت جناح احزاب كبرى تعمل لصالحها "ماكينات" انتخابية و اموال طائلة و شخصيات وطنية. ولذلك كل ما يروج له من تعلات لتبرير الغياب النسائي عن رئاسة قائمات الانتخابات التشريعية هي مجرد اعذار تنم عن شيزوفرانية و تناقض الساسة و الخطاب السياسي في تونس و لولا ان القانون يفرض التناصف لوجدنا قائمات رجالية بامتياز.
لكن رغم الهنات و الاحتكار الرجالي لرئاسة القائمات فلا يجب أن نصب جام لومنا عليهم لأن النساء تتحمل مسؤولية كبيرة في تراجع تصدرها للمشهد السياسي. لا زلنا نلاحظ و نرى عزوف النساء عن المشاركة في الحياة السياسية و عدم اقبالها على الترشح لمناصب القرار. المشكل أن شعارات حقوق المرأة بقيت حبرا على ورق، مجرد مجلة و مجرد فصل دستوري يتشدقون به أمام العالم و في كل مكان و زمان إلا حين لزم الأمر ذلك.
ان مشكلة غياب المرأة عن المشهد السياسي لم تكن يوما و لن تحتاج إلى قانون يضمن لها ذلك اذا تغيرت الذهنيات. ذهنية الرجل الذي لا يثق في قدرة المرأة في تصدر المشهد السياسي وذهنية المرأة التي تسيء تقدير امكانياتها لتولي مناصب قيادية.
التعليقات
علِّق