" الفوندو "... بين النجاح التجاري والخيبة !

" الفوندو "... بين النجاح التجاري والخيبة !

 

تشهد الفضائيات التونسية مع بداية كل رمضان " تخمة " في الأعمال الدرامية ، بعد أن تراجعت الأعمال الكوميدية والبرامج الترفيهية مثل الكاميرا الخفية أو المسابقات " المالية " مقارنة بالسنوات الأخيرة .

زحف الدراما إلى البيوت التونسية جعلت الأنظار تتجه هذه السنة إلى مسلسلات " الفونو " و " أولاد الغول " و " الحرقة " وغيرها من الأعمال التي جلبت نسب مشاهدة عالية وجعلتها محور حديث العائلات التونسية وامتدت إلى شبكات التواصل الإجتماعي .

ومن أبرز الأعمال التي سنتناولها في هذه الورقة  نذكر مسلسل " الفوندو " الذي بثته قناة الحوار التونسي  حيث يتكون من 21 حلقة  وهو من تأليف عزيز الجبالي، سيناريو و إخراج سوسن الجمني بمساعدة مروى الزنادي و محمد علي كمون .

و هو عمل شبيه بالسلسلات البوليسية الذي يغلب عليها  التشويق و الإثارة حيث يروي المسلسل قصة شاب اسمه يحيى يدخل السجن على إثر جريمة قتل وقعت منذ 20 سنة وعندما يخرج من السجن ، ومن هناك تبدأ الأحداث بالتطور حيث يبدأ بالبحث عن الحقيقة لإثبات براءته و اكتشاف الحقائق وراء القضية. 

الحلقات الأولى للمسلسل تذكرنا بالرواية الشهيرة لنجيب محفوظ " اللص والكلاب " وبطلها " سعيد مهران " الذي غادر في بداية القصة السجن الصغير إلى السجن الكبير الذي تجسّد في المجتمع المصري ، وفي بدايات " الفوندو " لم يختلف الحال كثيرا بين سعيد مهران ويحي .

عالج الفوندو موضوعا مهما ألا وهو وضع السجين بين قضائه مدة طويلة في السجن ظلما و قسرا و بين ما يعانيه خارج السجن من نظرة احتقار و إذلال.

و بعد مرور 21 حلقة من المسلسل بدأت التعليقات تتراوح  بين الإعجاب و بين صدمة الحلقة الأخيرة أو بالأحرى الحلقات الأخيرة من المسلسل.

 وبالرغم  احتلال الحوار التونسي المراتب الأولى في نسب المشاهدة إلا أن نهاية  العمل الفني، أثار غضب الكثير من المشاهدين ، وهنا نذكر بأن المسلسل من إخراج و سيناريو سوسن الجمني التي كانت في السنوات الفارطة مساعدة مخرج مع سامي الفهري.

ومن بين الإنتقادات التي وجهت لسوسن الجمني هو أنها فكرت في الجانب التجاري قبل الجانب الإبداعي الفني ،  و ذلك من خلال فكرة وجود جزء ثاني للعمل في رمضان المقبل لشد انتباه المتفرج  لكسب المزيد من نسب المشاهدة.

في سهرة  03 ماي 2021 كانت الحلقة الأخيرة للمسلسل أو يجدر القول الحلقة الأخيرة من الجزء الأول، و الذي تضمن مشاهد غير مشوقة و لا مثيرة و لا تمت للمتفرج بصلة، خاصة بعد تسريب مشهد مقتل مريم الشخصية الرئيسية التي تدور حولها الأحداث، حيث آن النهاية معروفة عند الكثير و بذلك أصبحت الحلقة الأخيرة  غير مقنعة و خاصة بعد المشهد الأخير لياسين بن قمرة و نضال السعدي تحت المطر فتظن لوهلة أنه فيلم هندي بامتياز، فضلا عن المشاهد المتكررة خاصة في ردود فعل نضال السعدي "يحيى" و فاطمة برتقيس " بية".

و بالتالي علينا أن نضع هذا المسلسل في إطاره باعتباره لم يخرج من دائرة الاستنساخ، فنجد رواية هذا المسلسل مقتبسة بعض الشيء من المسلسل الإسباني"   ELITE ‘’من جهة أخرى ، وبعيدا عن السيناريو ، لا يمكننا المرور دون الحديث عن الإمكانيات التي عملت بها سوسن الجمني من إضاءة، جودة الصورة، المكان و خاصة المدينة العربي، و الشخصيات التي  أضفت على السيناريو رونقا متميزا  ، و خاصة نجاح " الكاستينغ " في اختيار أغلب الشخصيات وفي مقدمتها نعيمة الجاني في دور أم يحيى، حيث أثارت إعجاب الكثير ، فهذا الدور أرجع لنعيمة الجاني طلتها و رونقها منذ سنوات.

عموما ورغم النقائص والبعد التجاري للمسلسل ، لا بد من شكر كل طاقم المسلسل دون استثناء ،لتقديمه هذا العمل تزامنا هذه الأزمة الصحية و حظر التجول ، ونأمل أن يكون الجزء الثاني أكثرإقناعا وحرفية من الجزء الأول .

سارة القماطي " متربصة بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار " 

التعليقات

علِّق