" العركة " بين بوغلّاب وأسماء البكوش فجّرت قضيّة كبرى جديرة بالمتابعة

يعرف الجميع تقريبا تفاصيل الخلاف الذي جدّ مؤخرا بين الصحافي محمد بوغلّاب والصحافية أسماء البكوش . وفي برنامج " لاباس " ليوم السبت الماضي دعا نوفل الورتاني زميله في المباشر واتصل بالزميلة هاتفيّا وأدلى كل منهما بدلوه في هذه " القضيّة " بما رآه صالحا .
وليس هذا ما يهمّنا في هذا المقال بل هذا " المسكوت عنه " منذ سنوات طويلة الذي فجّرته هذه " العركة " ونعتقد أنه آن الأوان كي يوضع على طاولة النقاش من قبل كافة الأطراف المعنية وأهمها الحكومة ونقابة الصحافيين وجامعة مديري الصحف و" الهايكا " وكل من له صلة مباشرة بالأمر.
أما الموضوع الذي ظل مثلما قلنا مسكوتا عنه فهو أن الكثير من الصحافيين والموظفين العموميين يعملون في أكثر من موقع في القطاع الخاص وحتى في القطاع الإعلامي العمومي والحال أن مئات من الصحافيين والصحافيات المتخرجين من معهد الصحافة وعلوم الإخبار عاطلون عن العمل وأن الكثير منهم يعملون في ظروف سيئة جدا بلا ضمانات ولا " شهريات " أحيانا . وعندما نقول " مسكوتا عنه " فنعني أن قانون الوظيفة العمومية يمنع أن يجمع الشخص الواحد بين عملين مختلفين في نفس الوقت . إلا أن ما كان يحدث هو أن الحكومة كانت تتغاضى عن الوضع وتوهم بأن المنتسبين إلى القطاع العمومي ( صحافيين ومتعاونين ) يعملون في المؤسسات الإعلامية الخاصة " دون مقابل " وأن ذلك يدخل في إطار التعاون الثقافي لا غير. وهذا طبعا غير صحيح لأنه لا يوجد أي شخص يعمل مجانا . وفي الحقيقة ليس محمد بوغلاب وحده من ينتمي إلى قطاع الصحافة العمومي ويعمل في القطاع الخاص إذ هناك العشرات من المنتمين إلى مؤسسات إعلامية عمومية لا يكادون يسجّلون حضورهم فيها إلا مرّة كل شهر لأن المؤسسات الخاصة التي يعملون بها تأخذ منهم أغلب أوقاتهم وأغلب مجهوداتهم ومع ذلك فهم يتقاضون رواتبهم بصفة عادية ولا من رقيب ولا من حسيب . ومعنى هذا بصريح العبارة أنهم أخذوا أماكن غيرهم ممّن درسوا وتخرّجوا وفي النهاية يجدون الأبواب مغلقة أمامهم . ومن حقّ هؤلاء طبعا أن تسمع أصواتهم وأن تسعى الأطراف المعنيّة بالأمر إلى إيجاد الحلول لهم ... ومن حقّهم أن ينتقدوا الوضع الراهن وهم يرون بعض الأشخاص يعملون في عشر وسائل إعلام بينما لا يجدون حتى ربع وسيلة إعلام يعملون بها .
وعندما نتحدّث عن هذا الوضع المؤسف فلا نتحدّث عن محمد بوغلاب بالذات رغم أننا نعيب عليه تصريحه في البرنامج المذكور عندما قال : " أنا كاهية مدير وطالما أن مؤسستي لم تمنعني من العمل سوف أعمل بالمؤسسات الخاصة وتحديدا قناة الحوار التونسي " . وهذا القول غير مستساغ وغير مقبول لأن رتبة كاهية المدير مسؤولية ومن المفروض على صاحبها أن يخصص كامل وقته وكل جهده لها وليس أن يقتسمهما مع مؤسسة إعلامية خاصة .
ومرّة أخرى نغتنم الفرصة لنطلب من كافة الأطراف المعنية بهذا الموضوع أن تفتح هذا الملف المسكوت عنه وأن تناقشه بكل وضوح وشفافية عسى أن تجد الحلول لعشرات أو ربما مئات من الصحافيين والصحافيات الذين نجد أن أغلبهم نادم على اليوم الذي اختار فيه أن يدرس الصحافة .
جمال المالكي
التعليقات
علِّق