السبسي : " وجود النهضة في الحكم أعطى شبح استقرار لتونس "

أدلى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بحوار لجريدة " القدس العربي " تحدث خلاله بافتخار عن تكريس مبادئ لم تكن موجودة في السابق، قائلا «على مدى 60 سنة كان لدينا الحزب الواحد والرئيس الواحد والرأي الواحد واليوم دخلنا في التعددية، والتعامل مع التعددية ليس مسألة سهلة لأنه ليست لدينا بالأساس ثقافة تعامل مع التعددية».
وأكد رئيس الجمهورية أنه ضد الإسلام السياسي، وأنه كرجل دولة يتعامل مع واقع موجود قائلا : " الذي وقع اننا نريد تكريس الديمقراطية، لكن الديمقراطية ليست انتخاباً فقط بل هي جملة من الأمور ومنها الانتخاب، ثم يأتي التداول على السلطة. فإذا كنا في نظام لا تتوفر فيه شروط التداول على السلطة فهذا يعني انه ليست هناك ديمقراطية. والأمر الثالث هو دور القانون، أي كيف يمكن التعامل مع فرق مختلفة بمشارب مختلفة إذا لم يكن لديك قانون يتعامل بسواسية مع الجميع، اذن يجب توفر كل هذه الامور ونحن لسنا بعيدين عن ذلك. فقد أجرينا انتخابات أسفرت عن نتائج جاء فيها الحزب الذي أسسته في الصدارة ولكنه لا يمتلك الأغلبية المطلقة، وحتى لو كان لديه الاغلبية المطلقة فأنا اتخذت قراراً بأن لا احكم وحدي انطلاقاً من التجربة التي أعرفها، فمن الأفضل أن نتشارك مع الآخرين. في النتائج جئنا في المرتبة الاولى بـ86 مقعداً و«النهضة» في المرتبة الثانية بـ69 مقعداً… لا يمكن تكوين مجلس من حزب واحد، واذا كان هذا الحزب لا يمتلك أغلبية مريحة فلن يتمكن من تمرير القوانين الهامة. لدينا في مشروعنا مسائل هامة، مثل التطور الاقتصادي ومقاومة الإرهاب وهذه كلها مسائل تتطلب توفر أغلبية مريحة لكي تمرر، فنحن لا نريد حكومات تتغير يومياً وهذا فرض التعامل مع النهضة، ليس لأنهم حزب النهضة لكن لان الشعب انتخبهم. وفي تكوين الهيئة التي ستسير المجلس (النيابي) اخترنا رئيسا ندائياً بأغلبية مريحة، وبالنسبة لنائب الرئيس اشترطنا عليهم تقديم شخصية مقبولة وتوافقية، وهم قدموا شخصاً غير مناسب وقلنا لهم هذا الشخص لن يمر بتصويتنا فقدموا شخصاً توافقياً (يقصد الأستاذ عبد الفتاح مورو) وهكذا تم التسيير بالتوافق بدون مشاكل."
وفيما يخص الحكومة قال رئيس الجمهورية : "كان يمكن إشراكهم، ولكن خشينا من عرقلتنا، وكان يمكن ان يصبح النهضة واليسار حلفاء موضوعيين وهذا ليس من مصلحتنا، لذلك أخذنا منهم وزيراً كخطوة أولى وطبعاً في البداية لم يوافقوا والآن لديهم ثلاثة وزراء ونحن براغماتيون نعمل بالمثل الذي يقول "على قدر كسائي أمد رجلي"، وقد سرنا في هذا الاتجاه.
في مؤتمر حركة النهضة، وخلافاً للواقع، ذهبت وتوجهت إليهم بخطاب وقلت بوضوح: "لن يكون لديكم مستقبل اذا لم تعملوا تحت سقف الوطنية… فإما أن تتغيروا أو ستفشلون… وأنا قبلت بالتوافق لأن لدي أملاً أن لديكم من الذكاء ما يمكنكم من أن تتطوروا."
لقد قاموا أولاً بالفصل بين الدعوي والسياسي لكن هذا الفصل لا يعني ان يذهب شق منهم للدعوي والشق الثاني يذهب للسياسي، بل يجب ان يكون الفصل حقيقياً. بالنسبة للشيخ راشد الغنوشي لدي معه علاقة طيبة والبعض يقول إن الباجي أثر على الشيخ راشد حتى أصبح "اسلامياً تونسياً". أنا لست داعية من الدعاة ولو أن النص القرآني يقول «ادعُ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» ولم يقل بالضرب والقوة. ونحن ندعو بالموعظة الحسنة وما دام هناك تفاعل من جهتهم فإننا مستمرون.
وجودهم في الحكومة أعطى للتجربة السياسية شبه استقرار كان ضرورياً لتونس لكي تخرج من أزمتها الاقتصادية ولكي تقاوم الإرهاب. في حركة النهضة أشخاص غير موافقين على هذا التوافق وهم ملتزمون الصمت، لكن نحن بالمرصاد ولا نتقدم في أي خطوة إلا إذا ثبت أننا على أرض صلبة."
التعليقات
علِّق