كم هي محظوظة فرنسا أو في رواية أخرى " العكري " بوجود من يدافع عن سياستها مهما كانت موغلة في الخطأ إلى درجة التدخّل في الشؤون الداخلية للشعوب لكن رغم ذلك فإن بعض الحناجر التونسية و عوض ان ترتفع لتندد بهذا التدخّل فإنها تجد للسياسة الفرنسية تبريرات و حجج لا يمكن إلا أن تقنع الجميع إلا الشعب الذي عانى في السابق ويلات الإستعمار الفرنسي البغيض و ها هو يعاني اليوم التأمر الفرنسي الكريه على ثورته.

فكم كنّا نمنّي النفس بسماع هذه الحناجر تنطق و لو بصوت خافت لتتصدّى لحملات التشويه التي تتعرّض لها تونس لكن ما كلّ ما نتمنّاه يمكن أن نراه واقعا ملموسا خاصّة في ظلّ هذا الواقع السياسي الذي يعلوه ضباب كثيف و الذي أوصلنا إلى درجة من التيه السياسي لا يمكن أن نتصوّرها و لكم في تصريحات سعادة نائبة الشعب كريمة سويد حير دليل على هذا الكلام و أكيد أن الكثير منكم سيتسائلون ماذا قالت نائبتنا الموقرة.

ببساطة شديدة فإن فخامة النائبة كريمة سويد و التي تتقاضى ما الله به أعلم من ملمياتنا نحن الشعب الفقير تكلّمت و ليتها ما فعلت في إحدى الصحف الفرنسية لتدافع عن تونس طبعا لا, لتدافع عن الثورة و ما يتهددها من أخطار داخلية و خاصة خارجية طبعا لا, لتدين التدخل الفرنسي في الشؤون الداخلية التونسية طبعا لا, بل أنّها تركت كلّ هذا و راحت تدافع عن السياسة الفرنسية التي تنتهجها حكومتها في التعامل مع الوضع التونسي رغم إقرار الفرنسيين أنفسهم بخطأ ما قام به بعض ساستهم و لعلّ إعتذار وزير خارجيتها و الوفود الفرنسية التي جاءت على عجل لتونس لإصلاح ما يمكن إصلاحه خير دليل على إقرارهم بفساد رأيهم في تقدير الوضع في تونس لكن للنائبة التونسية رأي أخر.

يا أيّتها النائبة إن من إنتخبك مواطنون من تونس و ليسوا من فرنسا و بالتالي حين أعطوك أصواتهم كانوا يعتقدون أنّك ستدافعين عنهم و عن مشاغلهم أو على الأقلّ إن لم تفعلي ذلك فان تدافعي عن تونس حين يتربّص بها أعداؤها لكن لا أظنّهم كانوا يعتقدون أنّك ستدافعين عن سياسة دولة حاولت و لازالت تحاول إفشال ثورتهم التي جاءت بالحريّة التي سمحت لك بأن تكوني تحت قبّة المجلس لذلك يجب عليك أن تعتذري عن مثل هذه التصريحات إن كنت تحترمين أصوات ناخبيك.

رغم أنّي لم أكن مقتنعا كثيرا بالفكرة القائلة أن لفرنسا جالية من بني جلدتنا تؤمن بقيمها و تدافع عنها و لو على حساب تونس لأني لا أتصوّر أن تونسي أو تونسية رضع من حليب هاته البلاد يدافع على غيرها مهما كانت الظروف إلا أنه بعدما سمعت من النائبة و من بعض الذي قيل أنهم سياسيين مثل تلك التي طالبت بتدخل فرنسا في تونس كما تدخلت في مالي فإني بدأت بتغيير رأيي و أيقنت للأسف أن البعض لم يلتقم صدر الأمّ الحنون تونس بل حال ولادته أرضعوه حليبا أخر أفسد له مشاعر الودّ و الحب و العشق تجاه الحبيبة تونس.