الرئيس المرزوقي والفرص الضائعة

بقلم : صباح توجاني المديوني
استطاع رئيس الدولة المنصف المرزوقي، صاحب الصلاحيات المحدودة، ان يغير وجهة اهتمامات الراي العام المنصب على المباراة الحاسمة لنسورنا امام الأسود الكامرونية غير المروضة ، نحو الشان السياسي المضطرب بتصريحاته لوكالة انباء الأناضول التركية التي كان بالإمكان الا يبديها خاصة وان له "سوابق صحفية" مع بلدان شقيقة، ظلت الحرب الإعلامية معها بسببه، مشتعلة ردحا من الزمن.
فلا احد يشكك في النوايا الطيبة جدا للرئيس المرزوقي، ولكن لا احد يعتقد ان اعلانه عن توصل الرباعي الى توافق بخصوص المرشح لخلافة علي العريض على راس الحكومة المنتظرة، كان في مكانه. فتعقيب احد اضلاع الرباعي على حديث رئيس الدولة، ولنقلها صراحة، تكذيبه لما اعلنه، يحط من قيمة مؤسسة الرئاسة التي تعاني ويلات التدهور منذ مسك مقاليدها رئيسنا الموقر الحالي.
وبقدر احترام الشعب لنضالات الرجل وتقديره لغزارة مؤلفاته في المجال الحقوقي والإنساني، وبقدر اعتزازنا بالإعتراف الدولي لتاريخ رئيسنا، الا انه اقام الدليل على انه في السياسة لم يتوفق الى نسج مسيرة ال اقول ناجحة، بل معتبرة، على الأقل، يحفظها له تاريخ تونس ما بعد الثورة، بقدر استغراب التونسيين من اصرار الرئيس على ارتكاب الزلات الكلامية في كل حوار صحفي يجريه.
وليس بالعهد من قدم، فقد كان اثار زوبعة ديبلوماسية مع بلد شقيق، لم تنفع معها استدراكات مستشاريه، الذين يبدو ان مهمتهم الأصلية توضيح مقاصد الرئيس المخفية، لراب الصدع بيننا في ظرف تحتاج فيه البلاد الى تعميق علاقاتها مع كافة الدول الشقيقة والصديقة.
ما كان للرئيس المرزقي ان ينصب نفسه، مكان الرباعي الراعي للحوار او لفرقاء السياسيين المشاركين في الحوار، الذي ليس طرفا فيه، ليعلن عن توافق الجميع على شخصية رئيس حكومة الكفاءات المستقلة، خاصة بعد ان وعد الحسين العباسي في لقاءه الأخير به،بعدم الوقوف في وجه القرار التوافقي الدي سيصدر عن تحاور الحكومة مع المعارضة.
وبالرجوع الى حوى تصريحاته الأخيرة التي تضمنت اعلانا عن فشل محاولة انقلاب صيفي، لم يمنح الرئيس المرزوقي نفسه فرصة "لتلميع" صورته المهتزة لدى شق من التونسيين، بل انه زادها اهتزازا، خصة وانه فتح الباب على مصراعيه امام تخمينات لراي العام بخصوص هوية مدبري الإنقلاب وتساؤلات حول مصير ابطاله الذين لم يوضح بشانهم شيئا، مما زاد من ارباك المشهد السياسي المعقد اصلا.
ان مؤسسة الرئاسة كمؤسسات الدولة الأخرى تشكو هزالا من حيث الأداء والفاعلية، غذتها تصريحات الرئيس المرزوقي وزلاته الكلامية المتعددة منذ ان دخل قصر قرطاج، ولا يذكر له التونسيون موقفا واحدا نجح عبره في لم شتات الأسرة السياسية المبعثرة، وعدل موازينها ورشح المصلحة العليا للبلاد وغلبها على الحسابات الحزبية الضيقة لكل طرف.
لقد عاش التونسيون منذ الثورة، على وقع انفلاتات كلامية ظلوا يعانون تبعاتها طويلا، فلا يكاد الشعب " يتماثل للشفاء" من وعكة كلامية كان بالإمكان تفاديها، حتى تصيبهم سهام تصريحات رسمية في غير موضعها، بما جعل منصب رئاسة الدولة مدعاة للسخرية والتنكيت في المحافل الدولية وداخل اسوارنا، وابتعد برئاسة الدولة من اعتبارها مرجعا لعامة الناس الى مصدر للإستياء والإنتقاد.
الم اقل سابقا بان اصحاب الصلاحيات القليلة هم انفسهم الذين يرتكبون الزلات الكلامية الكثيرة؟؟؟
انا لااشاطرك الرأي في كون
Soumis par محسن زغلامي (non vérifié) le 18 نوفمبر, 2013 - 17:37