الدولة التي تقتل العلماء

الحصري - مقال رأي
بقلم : د نور الدين العلوي
على هامش جنازة الدكتور بن سالم رحمه الله استسمحكم في الفكرة التالية رغم القلوب الملأى بالحزن. تونس بلد (دولة ومجتمع) يقتل العلماء.
كان يجب على الدولة أن تفرغ الدكتور بن سالم للعلم فقط. وكان على حزبه أن يعفيه من كل نشاط سياسي وأن يدفعه دفعا إلى البحث. وما كنت شخصيا لألومه على التفرغ ولو ضحى بالنشاط السياسي وهادن النظام من أجل نتيجة أكثر فائدة للجماعة الاجتماعية التي ينتمي إليها.
قبل الدكتور بن سالم أعدمت السياسة المريضة الدكتور العالم البشير التركي(أول مدير عربي للوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل البرادعي) وإن لم يتحزب لكنه عارض السلطة فدمرته.
لو كان المجتمع والدولة يملكان هذا التصور، لما اشتغل الدكتور مرزوقي بالسياسة ولكان مشروع الطب الاجتماعي الرائد الذي بدأه في الساحل قد تعمم وكم كان في ذلك من فائدة للجميع.
لو كانت هذه العقلية سائدة لما أفرغ بن علي الجامعة من خيرة علمائها وأستاذتها وحولهم إلى وزراء تافهين(وخسرتهم الحقوق وعلم الاجتماع والاقتصاد).
بعد الدكتور بن سالم اعتبر أن استقطاب العالمة (الباحثة) حياة العمري في قوائم حزب النهضة وإيصالها إلى البرلمان خسارة فادحة. فمكانها في مخبر بحث متقدم لا في برلمان لا يمكنها فيه الإضافة بحكم تكوينها العلمي بالذات.وهي مسؤولية النهضة والدولة لأن هذه العصافير النادرة لا تحسب بالآلاف ولا حتى المئات.ولن أتحدث هنا عن العقول المهاجرة التي اطردت بالإهمال والحقرة للعلم وأهله.
كل الدول الذكية عندها أنظمة لرعاية العلماء والمبدعين وتفريغهم للإنتاج في اختصاصهم ولكن الدولة عندنا تمنَّ على العالم والمبدع بمنصب إداري حتى خلقت هذا التكالب (والنفوس ضعيفة) على المناصب والتضحية بالعلم. لو منحت العالمة حياة العمري المبلغ الذي يخصص سنويا لسينما (يتقاسمها عدد محدد ومعروف من المخرجين العاديين إن لم أقل التافهين) لقدمت للبلد ما يفخر به.
مثل الدكتور بن سالم ليست خسارة لحزبه وإنما خسارة للبلد وللإنسانية وهو ليس الأول ولن يكون الأخير وهنا نتقبل العزاء جميعنا في بلدنا وجامعتنا وشبابنا
التعليقات
علِّق