الجريء يؤجّج النعرات الجهوية والصراعات الطبقيّة و يتهجم على رموز الرياضة

الجريء  يؤجّج  النعرات الجهوية والصراعات الطبقيّة و يتهجم على رموز الرياضة

في خضم الحديث المتواصل عن العقوبات الجائرة التي سلّطتها الجامعة على فريق الهلال الشابي أصبحت لدى الرأي العام الرياضي ( وحتى غير الرياضي ) قناعة شبه مؤكّدة أن ما قامت به الجامعة وتحديدا رئيسها وديع الجريء لا يمكن تصنيفه إلى في خانة تصفية الحسابات بالرغم من أن رئيس الجامعة وكافة أفراد جوقته قد حاولوا أن يقنعوا العالم بأنهم طبّقوا القانون كما هو دون زيادة أو نقصان . أما طريقة تطبيق القانون فهي تدخل في إطار " الحكمة " التي تقول إن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم طالما أن الهجوم قد يلجم الأفواه ويكتم الأصوات التي علاها صوت الشابة بالمطالبة بالتدقيق المالي لحسابات الجامعات وهو طلب مشروع لأي فريق منخرط بالجامعة وحقّ لا ينكره إلا من يشكّ في نفسه وفي حساباته أو حسابات المحيطين به . صحيح أن الجامعة طبّقت القانون لكن حتى في هذه النقطة تفوح رائحة تصفية الحسابات مع هلال الشابة بالذات . فالعديد من الفرق "مسالة" لدى الجامعة والعديد من الفرق لم تجدد انخراطها في الآجال لعدّة أسباب لعلّ أهمّها " اللخبطة " التي حصلت في مجريات الموسم الماضي الذي انتهى في شهر سبتمبر واستحالة أن يعقد بعضها جلسته العامة إلى غير ذلك من الأسباب التي فرضها الوضع الصحي العام في البلاد . وإذا علمنا بأن معلوم الإنخراط بالجامعة لا يتعدّى 4 آلاف دينار يصبح من الغباء أن نصدّق أن هلال الشابة عجز عن توفير المبلغ المطلوب في الأجل المحدد ( 30 سبتمبر ) وبالتالي أضاع على نفسه حقّ الانخراط فقامت الجامعة بتطبيق القانون عليه بالطريقة التي نعلم . أما حقائق الأمور فهي مغايرة تماما وتتمثّل أساسا في أن الجامعة هي التي فوّتت على هلال الشابة ( عمدا ) أجل الانخراط . وتوجد اليوم لدى هيئة الفريق أدلّة وبراهين على هذه المسألة وعلى أن الجامعة كانت تطالب وتشترط وثائق مكتوبة تدلّ على أن الهلال قام بتسديد مبالغ الغرامات ( العقوبات بصفة أدقّ ) المسلّطة عليه كي تقبل الجامعة انخراطه قبل الأجل والحال أن عشرات الفرق قد سلّطت عليها عقوبات ولم تسددها لكن الجامعة قبلت انخراطها ... والحال أيضا أن تلك العقوبات ما زالت محلّ جدل واعتراض من قبل الهلال الشابي علما بأن تلك العقوبات لا تستند إلى أي قانون من قوانين الجامعة حتى المنقّح منها الذي يعاقب بسبب التصريحات الفورية التي تمسّ مثلا من الهياكل الرياضية وأن كل ما في الأمر أن العقوبات صدرت بناء على تدوينات على " فايسبوك " وليست تصريحات لوسائل إعلام مرئية أو مسموعة أو مكتوبة مثلما يحدد ذلك قانون الجامعة نفسه . ولعلّ ما يستفزّ الناس اليوم في ظل التصريحات المتواصلة لرئيس الجامعة أنه أثار من جديد ( بقصد أو بغير قصد ) صراعات ونعرات جهوية كنّا نظنّ أننا قادرون على تجاوزها بعد الثورة . فقد حرص الجريء في كافة حواراته الأخيرة ( وخاصة الإذاعية ) على القول إنه ابن بنقردان المنتمي ( أو كان ينتمي ) إلى عائلة متوسّطة وإنه تعلّم ونال شهادة الدكتوراه وشهادتين أخريين " لا يمكن لغيره أن ينالهما " ... وفي حديثه عن طارق بوشماوي لم يخف رئيس الجامعة أن ما يحرّكه في هذه " الحرب " ليس منطق الأشياء أو حقائق الأمور بل أشياء أخرى تعيد إلى الأذهان الصراع الطبقي المرفوض ويتجلّى ذلك من خلال تركيزه على ثلاثة أشخاص ساندوا ترشّح بوشماوي لرئاسة " الكاف " وهم حمودة بن عمار ومعز إدريس وعزيز زهير. وإذا كان من حق رئيس الجامعة أن يقول ما يشاء عن هؤلاء ( في الجانب الرياضي طبعا ) فيجب أن يعلم أنه لن يصدّقه أحد لسبب بسيط أن هؤلاء الثلاثة يشهد لهم القاصي والداني بأنهم خدموا الرياضة وخدموا فرقهم بكل صدق وإخلاص ولم يجحفوا في حق الفرق الأخرى ويذكر الجميع أن حمودة بن عمار على سبيل المثال لم يجامل يوما النادي الإفريقي عندما كان رئيسا للجامعة بالرغم من أن العالم كلّه يعرف أنه متيّم بحب الفريق الذي شاءت غرائب الصدف أن يتعرّض إلى بعض المظالم حتى في فترة رئاسته . ولعلّ ما يعاب على رئيس الجامعة أنه تحدّث عن هؤلاء الثلاثة باعتبار أنهم بورجوازيّون وأنه لا يمكن أن يساند بوشماوي إلا البورجوازيّون مثله . وهذا عيب كبير في حق الأشخاص المذكورين ويدفع إلى الإساءة إليهم بقصد أو بغير قصد . وفي كافة الأحوال يدرك التونسيون اليوم أن " حرب " وديع الجريء التي يشنّها على كل من يخالفه الرأي لا بدّ أن تنتهي فينتهي معها الظلم المسلّط على بعض الفرق ومنها أو أهمّها هلال الشابة . ولعلّ المطلوب من كافة الفرق المنخرطة بالجامعة أن تتخلّى عن خوفها وأن يتخلّى بعض رؤسائها ومسيّريها عن جبّة النفاق والمحاباة والطمع وأن يتّحدوا من أجل هدف واحد ووحيد وهو إشاعة العدل بين كافة الفرق التونسية دون استثناء عن طريق جامعة عادلة لا تخاف من أحد عند تطبيق القانون ولا تظلم أحدا تحت غطاء القانون ... وأظنّ أن الكلام مفهوم ولا يحتاج أن نكون عبقريين كي نفهمه. جمال المالكي

التعليقات

علِّق