كتب : ابراهيم الوسلاتي

نتذكّر جميعا أنّ تعيين لطفي براهم على رأس وزارة الداخلية رافقه جدل كبير حتى أنّ البعض ذهب الى اعتبار تعيين جنرال في مثل هذا المنصب هو ايذان بانقلاب مذكّرين بمرور بن علي من هذه الوزارة و كان أنذاك العسكري الوحيد الذي عينه بورقيبة في هذا المنصب الحسّاس...وكانت حركة النهضة من أشدّ المعارضين واقترحت دعوة وزير الداخلية السابق ناجم الغرسلي الذي كان يشغل منصب سفير تونس في المغرب لخلافة المجدوب...ولكن رئيس الجمهورية رجّح كفّة امر الحرس الوطني السابق الذي كان أيضا يحظى بثقة رئيس الحكومة لأنّ مؤسّسة الحرس الوطني حقّقت في عهده نجاحات كبرى في محاربة الارهاب...
ولكن الجوقة المحيطة بلطفي براهم قدّمته على أنّه المنقذ وهو صاحب المآثر و النجاحات ممّا جعل يوسف الشاهد يحتاط منه ولربّما يتوجّس خيفة منه وجاءت زيارة وزير الداخلية الى العربية السعودية ولقائه بالملك سلمان و بوليّ عهده محمد بن سلمان لتشعل نار الفتنة بين الرجلين بفعل بعض الأطراف المقربة من هذا وذاك ...كما شكّل تعيين رشاد بالطيب مديرا عاما جديدا للأمن الوطني خلفا لتوفيق الدبابي المحسوب على لطفي براهم نوعا من الشدّ بين رئيس الحكومة ووزير الداخلية...
وجاءت المطالبة بتغيير الحكومة من طرف نداء تونس و اتحاد الشغل لتجبر بيوسف الشاهد على الاعتماد على حركة النهضة التي اعترضت على ذلك ووجد في ورئيسها راشد الغنوشي السند القوي بالرغم من أنّ لطفي براهم سعى الى التقرّب من جماعة منبليزير من خلال قراره بغلق المقاهي والمطاعم خلال شهر رمضان اعتمادا على منشور يعود لعهد الوزير الاوّل محمد مزالي سنة 1984 على ما أظن ممّ أثار حفيظة الحقوقيين والمدافعين على مدنية الدولة ولكن هذا لم يطمئن الحركة حتى أنّ رئيسها تحدّث ذات مرّة عن على فرضية الجنرال المجنون الذي قد ينقلب على الحكم وقد رأى الملاحظون في ذلك اشارة خفية الى براهم...
يوسف الشاهد ظلّ يتحيّن الفرص لإعفاء وزير الداخلية من مهامه فكانت البداية مع المهلة التي منحها له لتنفيذ بطاقة الجلب ضد ناجم الغرسلي والتي وان كذّبها براهم تبقى جائزة ثمّ فجاءت فاجعة قرقنة التي تعتبر أكبر كارثة بحرية في تاريخ البلاد وتتحمّل فيها أجهزة وزارة الداخلية الوزر الأكبر وكانت الفرصة مناسبة لاقتراح عزله على رئيس الجمهورية الذي صادق على المقترح وعيّن وزير العدل غازي الجريبي وزيرا للداخلية بالنيابة عوضا عن رياض المؤخّر الذي اقترحه الشاهد.