الأخطاء التسعة لرئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد

الأخطاء التسعة لرئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد

الحصري - مقال رأي

بعد موجة الإنتقادات الحادة التي طالت التركيبة التي تقدم بها الحبيب الصيد لنيل تزكية مجلس نواب الشعب بدأ رئيس الحكومة المكلف  اتصالاته ومشاوراته من جديد لعله يتوصل إلى تركيبة أفضل تنال الرضى من المجلس وخاصة من الأحزاب الكبرى التي لم يبد أي حماس تجاه تشكيلة الصيد .
وفي انتظار ذلك يجب أن نلاحظ أن رئيس الحكومة المكلف قد ارتكب تسعة أخطاء على الأقل أدت إلى الوضع الذي يعرفه الجميع .
الخطأ الأول : من عجائب اختيارات الصيد أنه لم يختر وزراء من الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية ونقصد أنه لم يختر منه بالعدد الكافي إذ " منح " نداء تونس 7 حقائب وزارية والحال أن الإتفاق كان على 12 حقيبة  . وفي نفس إطار الخطأ الأول أنه لم يقم باستشارة  قيادات نداء تونس واكتفى برئيس الحزب بالنيابة والمدير التنفيذي والمكلف بالهياكل ورئيس الكتلة البرلمانية بمجلس نواب الشعب . وطبعا وبهذه الصفة سوف يتحمل الحزب الفائز تبعات  ومسؤولية حكومة لم يختر أعضاءها .
الخطأ الثاني : لم يأخذ الحبيب الصيد اقتراحات الحزب الثاني في البلاد وهو حزب النهضة في الإعتبار وهو الحزب الذي ما انفكّ يدعو إلى تكوين حكومة وحدة وطنية مسنودة من قبل الأغلبية المطلقة في مجلس نواب الشعب وهذا المقترح يبدو كذلك أنه كان يحظى بموافقة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي . ويذكر هنا أن النهضة كانت مستعدة للمشاركة في الحكومة حتى من خلال أسماء من " الصف الثاني أو الصف الثالث " إن لزم الأمر وأن برنامجها الإقتصادي والإجتماعي لا يختلف كثيرا عن برنامج نداء تونس .
 الخطأ الثالث : لم يستطع الصيد إقناع الجبهة الشعبية التي كانت ترفض تعيين وزراء من نظام بن علي ووزراء من " الترويكا " . وفي حالة عدم مشاركة النهضة في الحكومة فإن مشاركة الجبهة واردة ومنطقية ... ويبدو أن الصيد ومجموعته نجحا في كسب غضب الحزبين العدويّن أي النهضة والجبهة .
الخطأ الرابع : قدّم الصيد جبلا من الوعود لياسين إبراهيم وآفاق تونس قبل أن يترك إبراهيم وحزبه في التسلل والحال أن آفاق تونس كان أول من اصطفّ إلى جانب الباجي قائد السبسي ونداء تونس . وفي الوقت الذي كان فيه هذا الحزب تعيين وزراء من خلال النواب الثمانية له في المجلس أو حتى من خارج النواب وجد نفسه في آخر لحظة قبل الإعلان عن تركيبة الحكومة خارجها تماما .
الخطأ الخامس :  بالغ الصيد في  " فتح أذنيه " ليستمع إلى نصائح  " مستشاري الظل " الذين قد يكونون أشاروا عليه بالنبش في قائمة أسماء البعض ممن عملوا في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإنتقال الديمقراطي التي وهبته ربع الأسماء المقترحة في حكومته تقريبا .ولئن قام الصيد بمجاملة شخصيات من هذه الهيئة بغاية تكريمهم فإن ذلك كان على حساب الأحزاب السياسية وأولها نداء تونس لأن غاية أي حزب هي ربح الانتخابات ليصل إلى السلطة وليس ليسلّم فيها لغيره  ويكتفي بدور المتفرج أو المرافق .
 الخطأ السادس : لم يأخذ الصيد تمثيلية الوزراء بالنسبة إلى الجهات . صحيح أن عضو الحكومة لا يمثل جهته عادة لكن عنده دائما ذلك التعلق الشديد بأرض الميلاد والإستعداد المبدئي لخدمة جهته . ومن المفارقات أن الشمال الغربي الذي كان له الفضل في ترجيح كفة النداء وكفة السبسي  لا يوجد فيه أي وزير في حكومة الصيد شأنه شأن الجنوب الذي بات البعض يرى أنه " عوقب " على مساندة المرزوقي في الإنتخابات الرئاسية . ومعروف دائما أن الجهات التي لها وزراء في الحكومة هي الجهات الأكثر حظا في كل ما يتعلق بالجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
 الخطأ السابع  : هذا الخطأ يمكن اعتباره " خطأ كاستينغ " وإلا بماذا نفسّر اختيار بعض الوجوه التي تحوم حولها شبهات أو تتلعق بها  قضايا أو تتبعات أصلا ... صحيح أن هذه الوجوه بريئة حتى يثبت العكس لكن كان على الصيد أن يتجنب وضع نفسه في مثل هذا المأزق خاصة أن البعض استعمل هذه " الملفات " إما للمساومة وإما للتهديد .
 الخطأ الثامن  : هو أيضا  " خطأ كاستينق " وكذلك خطأ تقديري في ما يخص الرجل المناسب في المكان المناسب . فبالإضافة إلى الذين تحوم حولهم شبهات وإلى المتهمين بأنهم لا خبرة لهم  هناك أسماء ليست في أماكنها  . وهنا يشبّه البعض حكومة الصيد بفريق كرة قدم إذ يكفي أن يضع المدرب لاعبا في خطة لا يتقنها أو ليس متعودا عليها حتى ينخرم توازن الفريق كله وتسقط الخطط التكتيكية في الماء .
 الخطأ التاسع  : خطأ في التقدير إذ لم يراع الصيد في بعض اختياراته مسألة صراع المصالح . فوضع وزير على راس وزارة تكنولوجيا الإتصال يملك شركة في ميدان الإتصال لا يمكن أن يعطي نتائج طيبة مهما كانت درجة نزاهة الوزير... وطبعا لا يمكن أن نمرّ دون الحديث عن بعض المجاملات والترضيات من ذلك أن تعيين ماجدولين الشارني على رأس كتابة الدولة لشؤون شهداء الثورة وجرحاها أمر لم يجد له أحد أي تفسير .  
  
جمال المالكي

التعليقات

علِّق