اضراب العار !

اضراب العار !

الحصري - مقال رأي

صدمة كبيرة وحالة من الغليان انتابت الشارع التونسي اثر الإضراب المفاجئ الذي شنه مساء أمس الإثنين واليوم الثلاثاء أعوان شركة نقل تونس ممّا جعل اللآلاف من العمال والموظفين والطلبة والتلاميذ عالقين وعاجزين عن التنقل لقضاء حاجاتهم أو العودة الى منازلهم .
وقد عمّت الفوضى مساء أمس  الإثنين  المحطات الكبرى للحافلات والمترو الخفيف بعد أن وجد الآلاف من المواطنين أنفسهم أمام حتمية العودة إلى بيوتهم إما سيرا على الأقدام وسط المخاطر وإما عبر سيارات الأجرة " التاكسي " الفردي والجماعي التي استغل بعض اصحابها الوضع لارتكاب ممارسات لاأخلاقية تجاه المواطن البسيط ، سواء عبر الترفيع في معلوم النقل أو فرض اتجاه معيّن على المواطن " الزوّالي " ... 
وبقطع النظر عن أسباب الإضراب سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة  فإن " المنطق " الذي تعامل به الأعوان المضربون ونقابتهم  هو منطق أعرج لا يراعي إلا مصالحهم  الشخصية. 
فالمواطن التونسي " الزوّالي " حوّلوه الى بضاعة للمساومة السياسية او النقابية وكأنه سلعة تنقل متى يريد الأعوان وتترك متى يريدون .
 انّ المواطن الذي ساند هؤلاء الأعوان في محنهم ومطالبهم هو نفسه الذي ثار اليوم عليهم  ، لأنهم تجاهلوا انسانيته عندما تركوه عرضة المخاطر في الطرقات والشوارع ولم يفكروا في مصلحته مطلقا .
لقد عطل إضراب الأمس الذي تواصل إلى اليوم الثلاثاء 13 جانفي 2015  مصالح الناس فلم يلتحق الكثير منهم بمراكز أعمالهم وتغيّب الكثير من التلاميذ والطلبة إما عن دروسهم وإما عن امتحاناتهم لأن قطاع النقل العمومي أحببنا أم كرهنا هو القطاع الحيوي الذي يستعمله أكبر عدد من التونسيين من مختلف الأعمار والقطاعات . وعندما يشن الأعوان إضرابا بهذه الصفة المفاجئة فإن الحياة العادية تصاب بالشلل المطلق والمصالح تتعطل ويضيع بعضها بصفة لا إصلاح فيها .
 وعلى هذا الأساس  ذهب بعض المواطنين إلى حد اعتبار أن ما حصل جريمة في حقهم معتبرين أن من الطبيعي أن يعودوا إلى ديارهم أو أن يذهبوا إلى أعمالهم أو إلى قضاء حوائجهم عبر وسائل النقل العمومي التي هي على ملك العموم وليست على ملك أعوان شركة نقل تونس أو نقابتهم .
ومن جهة أخرى تساءل الكثير من الناس عن ضعف ردة فعل الدولة أمام ما  حدث . فالدولة ومن خلال الشركة أو الوزارة هي المسؤولة عن تأمين النقل للمواطنين في كل الأوقات .
 ولعل البعض عاد ليتذكّر مسألة التسخير التي كانت الدولة سابقا تلجأ إليه  كلما شن أعوان النقل إضرابا من هذا النوع وكذلك شاحنات الجيش الوطني التي طالما نقلت المواطنين  في أوقات الإضرابات . وفي كافة الأحوال كان على الأعوان أن يتصرفوا بحكمة أكبر وأن يقوموا بالإعلام عن الإضراب 10 أيام  على الأقل قبل وقوعه حسب ما يقتضيه قانون مجلة الشغل . وبذلك توفر  نقابتهم الفرصة للإدارة كي تدرس  مطالبهم وتعطي للمواطن فرصة العلم المسبق بما يمكن أن يحدث يوم انتهاء الأجل ... ويبعد الأعوان عنهم كل لوم محتمل من أي طرف كان ... أما أن يتصرّفوا بمثل هذه الطريقة فهذا للأسف خلل وخور لا يقبله أحد . 
مسرة الفريضي

التعليقات

علِّق