استعمال العربية في وسائل الإعلام : لماذا لم تر " الهايكا " سوى " التاسعة " لتوجه لها لفت نظر ولماذا تصمت أمام هذه الجريمة ؟

استعمال العربية في وسائل الإعلام : لماذا لم تر " الهايكا " سوى " التاسعة " لتوجه لها لفت نظر ولماذا تصمت أمام هذه الجريمة ؟

يقول الخبر : وجهت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري  بتاريخ 27 نوفمبر 2020  لفت نظر إلى القناة التلفزية الخاصة " التاسعة  " بسبب " الخلط الحاصل في  استعمال اللغة أو اللغات في المضامين الإعلامية التي يتم بثها على القناة ".

و دعت الهيئة القناة إلى الالتزام بمقتضيات كراس الشروط واتفاقية الإجازة المتعلقة بحسن استعمال اللغة أو اللغات وإلى تجنب استعمال اللغة الهجينة وتقديم كل البرامج بلغة واحدة واضحة ودقيقة عربية كانت أو دارجة مهذبة إلى جانب الحرص من قبل مقدمي البرامج على ترجمة المفردات الأجنبية الواردة في كلام الضيوف  التزاما بالنصوص والترتيبات  الجاري بها العمل.

وفي تعليق على هذا الخبر نقول : يبدو أن الهيئة لا ترى إلا بعين واحدة أو بربع عين لأنها لو أمعنت النظر في 99 بالمائة من وسائل الإعلام السمعية والبصرية  عمومية كانت أو خاصة ستجد أن الكثير منها يكاد يكون " محطّة " لقناة أو إذاعة فرنسية بتونس من كثرة ما طغى عليها من استعمال مفرط للغة الفرنسية من قبل كافة المنشطين وكافة الضيوف تقريبا ودون أي استثناء. وأكاد أجزم بأن أي مستمع لأغلب  الإذاعات الخاصة والعامة سيلاحظ من الوهلة الأولى أنها  ذبحت اللغة العربية ذبحا ومن الوريد إلى الوريد ولا أحد يتحرّك ولا أحد يراقب ولا أحد يعيد الأمور إلى نصابها .

وأمام هذه الوضعية جميل جدا أن تلفت " الهايكا " النظر سواء لقناة التاسعة أو غيرها لكن ذلك لا يكفي وحان الوقت أن تتصرّف بأكثر عمقا قبل فوات الأوان وقبل أن نمشي جميعا في تشييع  جنازة اللغة العربية التي يبدو أن البعض يعمل على وأدها وطردها من حياتنا اليوميّة إلى الأبد . وقبل أن تقتل اللغة العربية نهائيا لابدّ على كل من له ذرة واحدة من المسؤولية في هذه البلاد أن يعمل من موقعه على إنقاذها أو إنقاذ ما تبقّى منها على الأقل. ومثلما قلت فإن الأمر لا يخصّ " التاسعة " وحدها بل أصبح ظاهرة عامة محيّرة بالرغم من أن تفسيرها سهل ولا يحتاج إلى عبقرية لنفهمه . فاستعمال اللغة الفرنسية ( حتّى المكسّرة أحيانا ) يعود إلى أحد أمرين : إما أن يكون متعمّدا وله علاقة بحرص فرنسا على الحفاظ على لغتها في مستعمراتها السابقة وهي تدرك أن هذه اللغة التي لم تعد لغة علم أو تكنولوجيا مهددة بالإندثار أمام اللغة الأنقليزية وبالتالي هناك من تجنّد لإعلاء راية هذه اللغة على حساب لغة بلاده وأجداده ... وإما أن عقدة النقص والدونيّة هي التي تقف وراء هذا الإستعمال المفرط للغة الفرنسية باعتبار أن البعض يستعملها ليس اقتناعا أو خدمة لجهة ما وإنما من باب " البرستيج " لأنه يعتقد أن شأنه سيعلو أكثر إذا استعمل هذه اللغة وتخلّى  عن استعمال لغته الأم.

وفي كافة الأحوال فإن لغتنا باتت اليوم مهددة بالزوال أكثر من أي وقت مضى . وقد يأتي وقت تصبح فيه لغة رابعة أو خامسة أمام استقالة المسؤولين عن حمايتها في هذه البلاد وتركها تنهش وتعذّب في اليوم مليون مرة .

ج - م  

 

التعليقات

علِّق