إلى متى يبقى هروب المدربين بلا عقاب ومتى تبتعد الجمعيات عن " الغورة عيني في عينك " ؟‎

إلى متى يبقى هروب المدربين بلا عقاب ومتى تبتعد الجمعيات عن " الغورة عيني في عينك " ؟‎

 

يبدو أن الذّرة الباقية لنا من القناعة بأن في الرياضة أخلاقا واحتراما للآخرين ستذهب بدورها أدراج الرياح وهناك ألف سبب وسبب زائد يجعلنا على هذا المستوى من التشاؤم .
كنّا نعرف أو نعتقد على الأقلّ أن عمليات انتقال اللاعبين من فريق إلى آخر يجب أن يتمّ عبر الجمعيات وفي كامل الوضوح والشفافية وفي ذلك احترام متبادل بين كافة الأطراف . لكن خلال السنوات الأخيرة انقلبت المعطيات وأصبحنا نعيش عصر " الغورة عيني في عينك " ... قلنا لا بأس  فتلك ضريبة السباق المحموم نحو النتائج ليس في تونس فقط بل في كافة أنحاء العالم . أما أن تتجاوز الحمّى إلى  " الغورة " في سلك المدرّبين فهذه بدعة يجب أن تتوقف قبل أن تستفحل فيصعب عندئذ التعامل معها وكبح جماحها . ولعلّ من المجدي التذكير بأن " الفضل " في فتح هذا الباب  كان للمدرّب فوزي البنزرتي الذي أخلّ بأكثر من عقد مع أكثر من جمعية حتى خارج تونس كلّما خطر بباله أن " يهرب " .
واليوم في تونس نرى الكثير مما لا يسرّ في هذا الإطار. فالنادي الصفاقسي على سبيل المثال ربط خيوط الإتصال مع مدرّبين ينشطان مع فريقيهما وهما لسعد الدريدي في الملعب التونسي وشهاب الليلي في النادي البنزرتي وهو يعلم  أنهما مرتبطان بعقدين مع فريقيهما اللذين كان عليه أن يحترمهما . أما النتيجة فهي أن لسعد الدريدي أصبح  " يتشرّط "  بعد أن أحسّ بأنه مطلوب من أحد أكبر الفرق في تونس وأن شهاب الليلي أغلق هاتفه  وهرب من بنزرت إلى صفاقس ... وليس هذا فقط . فشهاب الليلي مرتبط بعقد مع النادي البنزرتي وفيه بند جزائي يقول  إن عليه أن يدفع 150 ألف دينار في صورة  ما إذا أخلّ بالعقد وهاهو قد فعل ... لكن أن يدفع " يا ذنوبي " . وليعلم الجميع أيضا أن النادي الصفاقسي مطالب بدفع ما يقارب 900 ألف دينار لأنه أقال المدرب " دوارتي "  وينص العقد المبرم بينهما على هذا الشرط الجزائي ... ولعل من العجائب أيضا أن الترجي الرياضي يفاوض أيضا المدرب  " دوارتي " وهو يعلم أنه مرتبط  بعقد مع النادي الصفاقسي  وأن النادي الإفريقي يفاوض نبيل معلول  وهو يعرف أنه مرتبط بعقد مع المنتخب الكويتي ... وما خفي كان أعظم بطبيعة الحال .
إن المسألة وما فيها  أن على الفرق كافة أن تعود إلى رشدها وأن تحافظ على آخر ما تبقّى من الرياضة وهي الأخلاق . على الفرق أن تترفّع عن هذه الممارسات التي لا تليق . نعرف أن من حق أي فريق أن يفوز بخدمات أفضل المدربين  لكن عليه أن يبحث عن هؤلاء المدربين في الفترات المعروفة وليس كل المدربين بل فقط من لا يرتبطون بعقود مع فرق أخرى على غرار ما تفعله الفرق الأوروبية الكبرى في العالم حيث لا تخطف مدربين ولا تعتمد منطق " الغورة " بل تدرس الوضع جيدا وتفاوض المدربين الذين تعرف أن عقودهم منتهية  ولا تفتكّ متاع الناس وهم ينظرون . وفي انتظار أن يعود الرشد إلى الجمعيات لابدّ من معاقبة المدرّبين الذين يخلّون بالتزاماتهم تماما مثلما تعاقب الفرق التي لا تحترم التزاماتها . فلو ضربنا مدرّبا أو ثلاثة بالعصا على أكفّهم لتربّى الآخرون واتعظوا وحفظوا الدرس والعبرة جيّدا .

جمال المالكي

 

التعليقات

علِّق