إلغاء عرض " حسين في بيكين " في المنستير: مهزلة حتى في حق بورقيبة الذي ليس ملك " المساترية " وحدهم

إلغاء عرض " حسين في بيكين " في المنستير: مهزلة حتى في حق بورقيبة الذي ليس ملك " المساترية " وحدهم

مثلما نعلم جميعا قامت إدارة مهرجان المنستير الدولي بإلغاء عرض مسرحية " حسين في بيكين " لمقداد السهيلي التي كانت مبرمجة لهذا اليوم الأحد 7 أوت 2022 بتعلّة أن المسرحية تمسّ من شخصيّة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة باعتبار أنه " أحد رموز المدينة " مثلما جاء في البيان المهزلة الذي أصدرته إدارة المهرجان لتبرير إلغاء العرض.

وبعد قرار الإلغاء أصدرت الهيئة بيانا على صفحتها الرسمية جاء فيه :

بــــــــلاغ
نظرا للحساسية التي أثارتها مسرحية مقداد السهيلي حسين في بيكين و المبرمجة يوم غد الأحد 7 أوت 2022 ، وحرصا من هيئة المهرجان على تجنب كل ما يفهم منه التشجيع على المس من رموز المدينة من قريب أو بعيد
و تفاعلا مع ما أبدته شرائح من أبناء المدينة و من أحباء المهرجان من عزوف عن هذا العرض في علاقة بسابقة إعلامية وقع فيها المس من شخصية الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة
فإن الهيئة تقرر إلغاء هذا العرض و سيقع تعويضه لاحقا بعرض مسرحي آخر

الهيئة المديرة لجمعية مهرجان المنستير الدولي

وعندما قلت " مهزلة " فإني أعي ما أقول لعدة أسباب لعلّ أهمّها :

- عندما تبرمج إدارة أي مهرجان في أي مكان من البلاد فإنها ( مبدئيا ) تعرف محتوى العمل الفنّي الذي برمجته ... وهذا يعني أنها لم تبرمج للجمهور " قطّوس في شكارة ".

- عندما تضع في برنامج المهرجان أن العمل الفلاني سيعرض في التاريخ الفلاني فإن ذلك يعني أنك استنتجت بعد أن علمت بالمحتوى أنه لا يمثّل أي مشكل لأي طرف . وبالتالي فإن موافقتك على البرمجة تعني موافقتك على المحتوى.

- عندما تستعمل الهيئة عبارة : "  نظرا للحساسية التي أثارتها مسرحية مقداد السهيلي حسين في بيكين و المبرمجة يوم الأحد 7 أوت 2022   وحرصا من هيئة المهرجان على تجنب كل ما يفهم منه التشجيع على المس من رموز المدينة من قريب أو بعيد..." فإنها تفرد مدينة المنستير بملكيّة بورقيبة دون سائر المناطق الأخرى وهذا معناه البسيط أن الإدارة تكرّس الأبعاد الجهوية المقيتة التي حاربها بورقيبة نفسه الذي كان يقول إنه ليس رئيسا للمنستير بل رئيسا لكل التونسيين.

- عندما تستعمل الهيئة عبارة : " ... و تفاعلا مع ما أبدته شرائح من أبناء المدينة و من أحباء المهرجان من عزوف عن هذا العرض في علاقة بسابقة إعلامية وقع فيها المس من شخصية الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة "... فإن هذا يعني أن الإدارة استجابت إلى " أهواء البعض " ممّن يرون للأسف الشديد أن بورقيبة مقدّس وأنه فوق النقد.

- عندما تقوم الهيئة بإلغاء عرض قبل 24 ساعة فإن ذلك يعني ( حسب العارفين ) أنها ستدفع لمقداد السهيلي ما تم الاتفاق عليه من مقابل مادّي ... وهذا يسمّى سوء تصرّف في المال العمومي ...على الأقل.

الآن بعد هذه  الملاحظات دعونا نتّفق على أمر مهمّ جدّا وهو:

أنا لا  أعرف محتوى المسرحية لكنّي في المقابل متأكد من أن مقداد السهيلي ليس ساذجا حتى يقع في فخّ شتم بورقيبة أو النيل من عرضه أو عرض عائلته . ومن هنا يصبح الخلاف حول حقّ مقداد السهيلي ( أو غيره ) في نقد رموز البلاد ( وليس رموز المدينة فقط ) . فهل من حقّ أي بشر في هذه البلاد أن يمنعه من  نقد بورقيبة أو غيره طالما التزم بآداب النقد وقواعده ؟.

وبصفة عامّة هل إن بورقيبة مقدّس إلى درجة أنه أصبح ممنوعا من النقد وهو الذي أخطأ مثلما يخطئ كل البشر...؟.

إن ما حصل مؤسف وخطير ولا يجب أن يتكرّر. فهو للأسف سيفتح أبوابا كنا نظنّ أنها أوصدت إلى الأبد. فمقداد السهيلي سيعرض مسرحيته في مناطق أخرى من البلاد . وبالتأكيد سيجد عكس ما وجده في المنستير... وهذا بيت القصيد ... ومكمن الداء والخطر  ولا أريد أن أوضّح أكثر  من هذا الوضوح.

جمال المالكي
 

التعليقات

علِّق