إذا رأيتم الموساد في تونس, فأعلموني !!

إذا رأيتم الموساد في تونس, فأعلموني !!

!بقلم د. محجوب احمد قاهري

عندما سُئل إعرابي عن دليل وجود الله, فأجاب بفطرته, البعرة تدل على البعير, والأثر يدل على المسير, فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج .. ألا تدل على العليم الخبير. وأنا أسألكم هل رأيتم الموساد في بلدي؟, وإذا رأيتموه فأعلموني, "بعراته" وآثاره كثيرة, ولكنني لم أجد إعرابيا واحد منّا يرفع صوته عاليا, ليقول هاهم إنهم هنا. لم تكن"إسرائيل" قبل الثورة غائبة عنّا, فقد كانت هنا في ديارنا, ففي افريل 1996 افتتحت لهم ممثليّة هنا على أرضنا, وفي ماي من نفس السنة افتتحنا ممثليّة لنا عندهم في تل الربيع (تل أبيب), وفتح حكامنا أبواب البلاد للآلاف من سياحهم وجواسيسهم, وكانت بلادنا بالنسبة لهم "فرصة في الأفق" على الأقل من الناحية الاقتصادية مثلما جاء ذلك في مقال نشر في صحيفة "غلوبس " الإسرائيلية" بتاريخ 19/10/2008. وحتى من الناحية الثقافية فقد وطّد النظام السابق العلاقة مع الكيان الصهيوني, وسعى لنشر الكتب الصهيونية في بلادنا بعد ترجمتها للعربية, وكان من المفترض بأن تكون باكورة الترجمات قصة " حب وظلام" للكاتب الإسرائيلي عاموس عوز, مثلما جاء مقال بعنوان " للمرة الأولى تبدي تونس اهتماما بترجمة أدب عبري إسرائيلي إلى اللغة العربية" للكاتب الصهيوني "ياعل جعتون" في صحيفة هآرتس في 27/12/2010. ولم يكن حضور "إسرائيل" في تونس اقتصاديا وثقافيا فقط وإنما كان دمويّا أيضا, ففي 1 أكتوبر 1985 قام الطيران "الإسرائيلي" الغادر باستهداف منطقة حمام الشط التونسية في وضح النهار ممّا تسبّب في استشهاد 68 مدنيا بريئا, كما اغتالت أبي جهاد سنة 1988 في عملية غادرة في منزله في احد ضواحي العاصمة, وربّما كان ذلك بمباركة الطاغوت الهارب. وعندما بدأت الثورة التونسية فزع رئيس حكومة الكيان الصهيوني منها, وقال في جلسة حكومته يوم 16 جانفي 2011, أي بعد هروب بن علي بيومين, بعد أن أبدى انزعاجه من عدم الاستقرار في المنطقة " إن الدرس الذي ينبغي تعلمه من الثورة التونسية هو التشديد على الجانب الأمني في أي تسوية سلمية" . كما لم تسلم الأرض المحتلة من تأثيرات ثورة تونس, إذ تظاهر المئات من شباب عرب 48 في مدينة عكا يوم 19 جانفي 2011 تضامنا مع شعب تونس رافعين شعارات من بينها " من عكّا ألف تحيّة لشعب تونس الأبيّة", وهو ما تعرّض لذكره الموقع الالكتروني لصحيفة "يديعوت احرنوت" كتنبيه لمن يهمّه الأمر بان ثورة العرب قد حطّت في بلادهم الأخرى, أي فلسطين المغتصبة.

ومن بدع الزمان في تونس ما بعد ثورتها أن يختار الباجي قائد السبسي مساعدا لوزير خارجيته رئيس مكتب تونس في تل الربيع (تل أبيب) مابين سنة 1996 إلى 2000 خميس الجهيناوي, دون حرج من شعب يصرخ لا لإسرائيل ولا للتطبيع معها, وقد طُرح السؤال آنذاك لماذا هذا الرجل بالذات والبلاد تزخر بالطاقات والكفاءات؟. سنة 2012 كانت سنة مهمّة جدا من حيث الحديث على الكيان الصهيوني, على الأقل من خلال مصدرين, الأول تحقيق صحفي نشرته جريدة المصور التونسية في فيفري المنقضي و الثاني تصريح صحفي لرئيس حركة وفاء عبد الرؤوف العيادي في سبتمبر المنصرم. وأما تحقيق جريدة المصوّر الذي برز تحت عنوان " الموساد كثف نشاطه بعد الثورة في تونس وجربة وسوسة" فقد كان مدويّا, إذ نقلت الصحيفة معلومات انفرد بنشرها مركز يافا للدراسات والأبحاث, من أن شبكة جواسيس الموساد تنتشر بعدد من المدن التونسية, حيث يختص كل فرع بنشاط محدّد. وكشفت الصحيفة ايضا عن نجاح الموساد في اختلاق المشاكل في تونس بعد الثورة, وقالت "نجح (أي الموساد) في إحداث قلاقل في تونس ماقبل الثورة و بعدها". وأما العيادي في تصريح له نشر بجريدة المغرب, فقد قال إن "حوالي 300 عنصر من الموساد الإسرائيلي دخلوا تونس", وأضاف " أن "عملاء الموساد ينشطون في تونس وهم موجودون من قبل الثورة وتزايد عددهم بعدها، بعضهم يدير مؤسسات خاصة مثل المقاهي ووكالات الأسفار وبعضهم يرأس شركات تجارية وأغلبهم يمارسون أنشطة ثقافية تحت غطاء ما يسمى بالتبادل الثقافي بين تونس وعدد من البلدان الغربية مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا", كما لم يستبعد العيادي ضلوع عناصر الموساد في تأجيج أعمال العنف التي تشهدها عدة جهات في البلاد. مواقف وتحقيقات وتصريحات, أكثر إبلاغا من "بعرات" و آثار" الأعرابي, لتقول بوضوح إن الموساد يعيش بيننا يزرع الفتنة والقتل ويتآمر على وجودنا, الأعرابي بفطرته أدرك وجود الله, ونحن وكل الأدلة بين أيدينا ولا زلنا نتقاتل هل نجرّم التطبيع أم لا؟ وإذا رأيتم الموساد في بلدي, رجاءا أعلموني !!!!

د. محجوب احمد قاهري

التعليقات

علِّق