أمام العجز التام للدولة : ماذا ينتظر الرؤساء الثلاثة ليعلنوا الطوارئ ويطلبوا الغوث والعون من العالم الآن وفورا ؟
مؤسف جدا أن نكون قد وصلنا إلى مرحلة عجز الدولة عن مجاراة النسق الوبائي وبالتالي عجزها عن حماية مواطنيها من هلاك بات شبه مؤكّد. ومؤسف جدّا أن أصبحنا نشاهد بالعين المجرّدة تخبّط مؤسسات الدولة وتشتتها في مجابهة الجائحة والحال أن الأمر يقتضي أن تتجنّد كافة مؤسساتها من أجل هدف واحد وأكيد وهو حماية المواطنين ثم سيأتي وقت الحساب والمحاسبات.
اليوم تجاوزنا مرحلة الخطر المحدق وأصبحنا نفيق على أخبار الموتى والمصابين وهم على التوالي بالمئات والآلاف ... هذا ما يتم الإعلان عنه دوريّا لكن الأكيد أن ما خفي أم " يتم إخفاؤه " من أرقام أدهى وأعظم وأمرّ.
اليوم بتنا نشعر بأن التونسيين أصبحوا مجرّد أرقام تتناقل بعضها يوميّا وزارة الصحة ووسائل الإعلام ... والدولة في كل ذلك إما غائبة وإما عاجزة تماما عن فعل أي شيء.
وقبل كلّ هذا وبقطع النظر عن أسباب العجز والمتسببين فيه دعونا نذكّر بتصريحات رئيس الحكومة ووزير الصحة ومسؤولين آخرين قالوا لنا في وقت سابق إننا " سنغرق ّ بالتلاقيح في شهر جوان ... وها قد غرقنا بالفعل لكن في الوباء وليس بالتلاقيح ... قالوا لنا أيضا إن أمريكا وعدت بتقديم حوالي 500 ألف جرعة أو أكثر من التلاقيح وإن فرنسا وعدت أيضا وإن بلدانا أخرى وعدت من أجل مساعدتنا على تخطّي المرحلة الصعبة التي نعيش... لكن في واقع الأمر لم يصلنا من الوعود حتى جرعة واحدة من التلاقيح ... بل وأدهى من ذلك أن نسب إلى وزير الصحة أنه رفض منذ أيام مساعدات طبيّة من الجزائر الشقيقة بدعوى أنه " لا حاجة لنا بتلك المعدّات " ...وأدهى أيضا أن الديوانة ما زالت تحتجز معدات طبية جاءتنا في شكل مساعدة من الجزائر يوم 8 فيفري الماضي ... وغير ذلك كثير.
اليوم نحن في وضع لا يقبل النقاش ولا نعتقد أننا لا نحسد عليه . وفي مختلف أنحاء العالم تعلن الدول التي تعجز عن مجابهة كارثة ما ( مهما كان نوعها أو حجمها ) عن عجزها عن المجابهة بمفردها فتطلب بالتالي الغوث والمساعدة من أي كان.
نحن اليوم في وضع يحتّم علينا فورا والآن بالذات إطلاق صفارات الإنذار والاستنجاد بالمجتمع الدولي والبلدان التي تعيش في وضع أفضل منّا. ولا ندري ما العيب أو هل من المخجل أن نطالب الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وقطر والسعودية وكافة البلدان والأطراف الخارجية القادرة بالتدخّل العاجل لإنقاذ شعب بات مهدّدا بالإبادة؟.
هل إن " الكبرياء " الزائف لدى البعض أو الغرور القاتل هما اللذان يحولان دون طلب المعونة من الخارج ؟؟؟.
إن الوقت ليس وقت مزايدات وخرافات بل هو وقت جدّ وعمل وتنسيق بين كافة الأطراف في الداخل والخارج من أجل الإنقاذ وإلا فإن السفينة ستغرق ... ولن ينفعنا عندئذ مزايدات أو تأويلات أو محاسبات يكون أوانها قد ولّى وفات.
إن على رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب أن يتّحدوا ولو مرة واحدة في التاريخ من أجل هذا الشعب. عليهم أن يتركوا " عركاتهم " إلى حين وأن يعملوا على إنقاذ الشعب . وليعلموا جميعا أن موت أي تونسي إضافي في أي مكان هو مسؤوليتهم وحدهم وفي المقام الأول ... وعليه سيحاسبون في الدنيا قبل الآخرة.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق