ألغت مؤتمرها بتونس في 2022 : منظمة " WOCMES " تساند الميز العنصري الإسرائيلي بقرار " مشرقي " غير أخلاقي
عبّرت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI ) و الحملة التونسية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (TACBI) وبدعم من الغالبية الساحقة من الجامعيين الفلسطينيين وفيدرالية نقابات الأساتذة والموظفين الجامعيين (PFUUPE ) عن عميق الأسف والغضب من قرار المؤتمر العالمي للدراسات الشرق أوسطية (WOCMES ) نقل مؤتمره السادس الذي كان مقررا أن تحتضنه جامعة منوبة من 19 إلى 23 سبتمبر 2022 بتونس . ويبدو أن هذا القرار بإلغاء مؤتمر تونس وإطلاق " طلب استضافة " جديد له في وقت لاحق قد اتخذ بعد أن تأكّدت منظمة " WOCMES " من أن الجامعيين الإسرائيليين الذين كانت تريد إشراكهم لن يتمكّنوا من الحصول على تأشيرات الدخول إلى تونس.
وجدير بالذكر أن تونس التي لا ترتبط بعلاقات ديبلوماسية مع إسرائيل إضافة إلى أن الكيان الصهيوني كان قد هاجمها سابقا بواسطة طائراته الحربية من خلال عملية حمّام الشط سنة 1985 ما زالت إلى اليوم تتمسّك بموقف ثابت وقاطع إزاء القضية الفلسطينية ولا تخفي دعمها الكامل للشعب الفلسطيني والرافض للإحتلال العسكري والاستيطان والميز العنصري للنظام في إسرائيل. وهي أيضا ليست ملتزمة مع إسرائيل في أي شيء بما فس ذلك الجانب الأكاديمي . وبناء على ذلك فإن عدم منح تأشيرات دخول للإسرائيليين بمن فيهم الجامعيين ليست سياسة تمييزية بل هي سياسة تقوم على موقف صارم يرفض الاحتلال تجاه نظام ميز عنصري. وهذا الموقف من المفترض أن يلقى دعم كافة المؤتمرات والمنظمات والمؤسسات الجامعية التي يفترض أنها تدافع عن الحرية والعدالة والمساواة في الحقوق للجميع وأن ترفض الاحتلال والتمييز العنصري.
ومثلما ذكرت الحملة الفلسطينية مرات عديدة فإن شعوب العالم العربيبأصولها وهوياتها القومية والدينية والثقافية المتنوعة مرتبطة عضويا بالنضال التحرري الفلسطيني. ففلسطين هي قضية عربية شاملة وليست قضية فلسطينية فحسب. وبالإضافة إلى علاقات القربى التاريخية مع الشعب الفلسطيني ما زال العديد من الشعوب العربية عرضة للتهديدات السياسية الخطرة إضافة إلى التهديدات الاقتصادية والعسكرية من قبل إسرائيل.
وطالما أن القمع الإسرائيلي مستمرّ فإن أي تعامل للعرب والمؤسسات العربية مع الإسرائيليين (أفرادا أو مؤسسات) لا يشكل جزءًا من الاعتراف الكامل وبالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني والمقاومة المشتركة للقمع ينتهي بالتبرير أو التستر على التطبيع مع النظام الإسرائيلي القمعي. ومن هنا يصبح مهمّا جدا أن تكون أية علاقة بين أشخاص من العالم العربي وإسرائيليين مبنيّة على المقاومة المشتركة. وليس هذا دعوة إلى عدم فهم الإسرائيليين أو مجتمعهم أو سياستهم بل هي دعوة إلى تكييف كل المعارف وكل الاتصالات مع المبادئ الأخلاقية للمقاومة المشتركة من أجل تفكيك هياكل نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي.
وقد لا يكون مهمّا جدا التذكير بأن العديد من البلدان وخاصة في إفريقيا قد طبّقت نفس السياسة إزاء نظام الميز العنصري في إفريقيا الجنوبية سابقا ورفضت التعاون وربط أي نوع من العلاقات مهما كانت مع هذا البلد بما في ذلك العلاقات الأكاديمية.
واليوم هناك إجماع دولي متزايد على أن إسرائيل تمارس الميز العنصري والاضطهاد وهما جريمتان ضد الإنسانية و ضد الشعب الفلسطيني. واقتداءً بمثل المنظمات والمدافعين عن حقوق الفلسطينيين أصدرت منظمة " هيومن رايتس ووتش " مؤخرا تحليلا قانونيا دامغا للنظام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وخلصت إلى أنه يندرج ضمن التعريف الدولي للفصل العنصري.
وفي نفس السياق أصدرت " بتسيلم ط وهي أهمّ منظمة للحقوق الإنسانية في إسرائيل تقريرها الخاص قبل بضعة أشهر تحت عنوان: نظام التفوق اليهودي من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط : فصل عنصري.
ولعلّ من المفيد أيضا التذكير بأن الجامعات الإسرائيلية شريك أساسي في المفهوم والتطبيق والتبرير وتبييض النظام الإسرائيلي القمعي وخروقاته الفظيعة للقانون الدولي. فهي تنتج الأبحاث والمعارف والأدوات التقنية التي تسمح بالجحود المستمر لحقوق اللاجئين الفلسطينيين وتبرير هذا الرفض وهذا الجحود في ظل سياسة غير قانونية لنقل السكان وهدم المنازل وجدران الفصل العنصري والمذابح والإبادة العشوائية وسرقة الأراضي والمياه والموارد الطبيعية. هذه السياسة تم تصوّرها من أجل التمكّن من التطهير العرقي العميق للفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين من أجل بناء الدولة اليهودية المتفوّقة وتوسعة حدودها .
وليس من الصعب اليوم أن نلاحظ أن المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية شريك فاعل ونشيط ولا غنى عنه لهذا النظام القمعي الاستيطاني العنصري. فقد ساهمت كثيرا في تطوير أنظمة التسليح وتطوير العقائد العسكرية ومنها بما في ذلك عقيدتي " Dahiya " و " حنبعل " حول "القوة غير المتناسبة" ضد السكان المدنيين التي أعطت شكلا لسياسة الأرض المحروقة المحظورة المنتشرة في الحروب الإسرائيلية الأخيرة ضد لبنان وغزة.
وإضافة إلى ذلك تقوم الجامعات الإسرائيلية بالتمييز " الآلي " ضد الطلبة من غير اليهود في ما يخص عمليات التسجيل وأحقية الحصول على السكن والمساعدة المالية وفرض إجراءات تقييدية مصممة لاستبعاد الطلبة الفلسطينيين بشكل منهجي من الحياة الأكاديمية.
وعلى سبيل المثال وليس بعيدا في الزمان وفي يوم الجمعة الماضي هاجمت إسرائيل بكل وحشية المصلين الفلسطينيين في ساحة المسجد الأقصى مما أسفر عن إصابة أكثر من 200 شخص منهم إضافة إلى هجومها الشرس على العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلّة من أجل طردهم من منازلهم وإعطائها للمستوطنين الإسرائيليين في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي. كما اقترفت الجامعة العبرية جرائم لا تقل بشاعة من خلال التهجير القسري للفلسطينيين من أجل توسعة مبناها وأنشطتها منذ سنة 1968 في حين تم بناء جامعة تل أبيب على أنقاض القرية الأصلية الشيخ موانيس القريبة من يافا التي شهدت عملية تطهير عرقي بالكامل.
و لا ينبغي أن تتورط " WOCMES " في محاولة منحازة لتقويض الموقف القانوني الجدير بالثناء لتونس ومؤسساتها الأكاديمية ضد التعامل مع إسرائيل ومؤسساتها المتواطئة. ومن خلال نقل مؤتمرها إلى خارج تونس " تعاقب " منظمة " WOCMES " تونس لوقوفها مع الجانب الصحيح من التاريخ ضد الاستعمار والفصل العنصري . ومن خلال هذا النقل فإن هذه المنظمة الدولية ستطبّع مع قبول التمييز العنصري الإسرائيلي في " أنقى" تقاليد المستشرقين والمؤسسات الاستعمارية في الماضي.
ومن هنا تدعو الحملتان ( الفلسطينية والتونسية ) أعضاء هذه المنظمة الدولية والمنظمات المنخرطة أو التابعة للضغط من أجل إقناعها بوضح حدّ لهذا الموقف والإبقاء على المؤتمر في مكانه المحدد سابقا ( تونس ) لأن ذلك هو الموقف الأخلاقي الذي يجب أن يكون.
التعليقات
علِّق