على تونسنا: درس "بليغ " في نشر ثقافة الشعوذة والتدجيل

 على تونسنا: درس "بليغ " في نشر ثقافة الشعوذة والتدجيل

يبدو أن البعض في هذه البلاد مصرّ إصرارا عجيبا على الترويج لثقافة الشعوذة والخرافة والدجل وبطبيعة الحال ثقافة الكذب الواضح الذي لا يحتاج إلى دليل.
وبعد مسلسل " صاحب البرّاد " كمال المغربي الذي لا يعرف أين تقع المغرب أصلا تأتينا المنشّطة المثيرة للجدل ميساء باديس لترسّخ لدى بعضنا هذه الثقافة من خلال دعوة مرأة التي قدمتها على أنها مغربية وهي على ما يبدو لا تعرف من المغرب إلا " الصلاة الرابعة " ...
فلو أنها استضافتها لتسألها وتحرجها وترمي في وجهها الحجج العلميّة التي تثبت أنها محترفة شعوذة لا غير ... أي " تكشف حقيقتها وتحذر اليائسين من الوقوع في فخها، فهذا أمر توعي مفهوم و مطلوب لأنه يساهم في الإصلاح عن طريق الإحراج وإظهار هؤلاء للناس في صورهم الحقيقية. أما أن تستضيفها وتمارس معها " لعبة " من تزيد الماء ومن تزيد الدقيق لتروج لها بشكل فاضح.. فهذا أمر غريب في هذا الزمن العجيب الذي يرتع فيه كل من هب ودب بلا رقيب ولا حسيب.
ولعلّ ما لا يفهمه البعض منّا أن هذا المرأة ( وغيرها من المشعوذين) تتحدّث بكل راحة وبكل ثقة في النفس وتؤكّد للمشاهدين أنها قادرة على ما يعجز عنه من أفنوا أعمارهم في طلب العلم ( الأطباء ) ... هكذا بمجرّد كلمات " مطلسمة " أو ماء تشتريه مثلنا من عند العطّار أو بمسحوق لا أحد يعلم ما فيه وما مضارّه قبل منافعه إن وجدت طبعا. 

وخلال البرنامج المذكور ( ضيفنا على كيفنا ) كانت ميساء باديس "باهتة في عجب ربّي " و كانت توحي بأنها تصدّق كل حرف تقوله المشعوذة وبأنها عاجزة عن فهم " قدراتها " الخارقة التي تجعل الضرير مبصرا وتجعل العاقر تلد ... وتجعل المصاب بداء السرطان مثلا يتعافى بمجرّد أن تلمسه اليدان المباركتان للمشعوذة العظيمة.
وتبقى في كل هذا الخضمّ العجيب من ثقافة التجهيل أسئلة لا بدّ من طرحها :
- إذا كانت هذه المرأة ( وغيرها من الدجالين ) بهذه القدرات الفائقة التي تجعلها تشفى أمراض الدنيا كلّها دون أن تكون قد درست حرفا واحدا من الطب أو الصيدلة فلماذا التعب والخسائر وفتح كليّات الطب والصيدلة ومعها معهد صالح عزيّز أصلا ؟؟؟ أليس الأجدر غلقها جميها وتوفير مصاريفها إكراما لقدرات هذه المشعوذة صاحبة " الكرامات "؟.
-ثم أين السلط وأين الهايكا من مراقبة مثل هذه المضامين الخطيرة أم أن تلفزاتنا أصبحت مزابل نجد فيها كل شيء مهما كانت خطورته بفعل ممارسات خطيرة ؟!!

جمال المالكي

التعليقات

علِّق