مجموعة "نينغشيا"الصينية تسترجع أساطير الشرق وسحره على ركح قرطاج
سافر جمهور الدورة السابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي مساء الاربعاء 9 أوت 2023 في رحلة أقلعت به إلى حيث أساطير الشرق، رحلة روت على مدار ساعة ونصف إرثا إنسانيا وثقافيا لحضارة من أقدم حضارات العالم ، فكانت النتيجة سهرة مفعمة بالحب والحياة والألوان والموسيقي.
الساعة العاشرة مساء، كان الموعد مع مجموعة "نينغشيا" الصينية، التي اعتلت الركح بأزياء تقليدية طغت عليها ألوان تعبّر عن طبيعية مقاطعة "نينغشيا" الصينية حيث ارتكزت الأزياء على ألوان الأسود والأحمر والأبيض والأصفر و"التشينغ" وهو خليط بين الأزرق والأخضر، لما لهذه الألوان من رمزية في الفن والثقافة الصينية التقليدية حيث ترمز الى العناصر الخمسة للطبيعة وهي الماء والنار والخشب والمعدن والأرض.
14 لوحة كوريغرافية تميّزت بالدقة في الحركات والانسجام والتناسق والتناغم، صاحبتها موسيقى هادئة أحيانا وصاخبة أخرى، وتخللها حركات بهلوانية وألعاب السيرك، لوحات اجتمعت فيها كل مقومات الجمال وروت في فصولها روح المغامرة لدى شعبي "هوي" و"وهان" وسعيهما لبناء بيت جميل في قلب الطبيعة.
تعاقبت اللوحات في هذا العرض الفرجوي الذي قدّم على ركح قرطاج الأثري بدعم من سفارة جمهورية الصين الشعبية بتونس بهدف التعريف بمدى انفتاح ثقافتهم على مختلف الحضارات، لوحات كسرت كل القيود المادية للجسد واحتفت بالحياة وما فيها من قيم جمالية بنسق تصاعدي حمل الجمهور إلى قلب الطبيعة حيث ترقص الجميلات الساحرات كقطرة ماء تحت ضوء القمر .
عمل جمع الأسلوب التعبيري لفن الرقص الصيني القديم التقليدي بأزياء تقليدية مع الرقص العصري للباليه، وكانت الطبيعة حاضرة في كل لوحاته كما قدمت مجموعة "نينغشيا" نبذة عن العادات والتقاليد في الصين كطقوس تقديم الشاي وزينة المرأة في الأعراس ورقص الرجل بالقلّة ونشير الى أن الرقص في الصين انطلق منذ ما يزيد عن 4000 عام من التاريخ حيث نشأت الرقصات الأولى كطقوس دينية، تهدف إلى جلب الكثير من الصيد، أو الحصاد الجيد، أو حتى لطرد الأرواح الشريرة.
ولم يقتصر عرض مجموعة "نينغشيا"الصينية على اللوحات الراقصة والألعاب البهلوانية والسيرك، بل قدم معزوفات منفردة وأخرى جماعية عكست في مجملها حب الحياة لدى الشعب الصيني، ومن أبرز الآلات التي تم استخدامها نذكر آلة "أرهو" وهي آلة ذات وترين يعزف عليها بقوس يشبه قوس الكمان، لكن صوتها أخفض من صوت الكمان وتتميز بألحانها الشجية، وآلة "البيبا" وتعزف في المناسبات الخاصة وعلى المسارح، تم تحديث هذه الآلة لتتلاءم أكثر مع الموسيقى الغربية، إضافة الى آلة "الديزي" التي تعزف في المسرحيات وعلى طرقات الأرياف والمدن للتسلية.
كما قدمت مجموعة "نينغشيا" في نهاية العرض لوحة راقصة جماعية بالأزياء التقليدية التي شارك بها كل عناصر الفرقة في أغلب اللوحات الكوريغرافية المقدمة والتي تخللتها عروض بهلوانية وفقرات لألعاب السيرك ومعزوفات .
جمهور محترم واكب هذه السهرة واستمتع بها وتفاعل مع مجموعة "نينغشيا" للعروض المسرحية التي تأسست سنة 2011 كمؤسسة فنية ملتزمة تعمل على تثمين التراث وإبراز قيمه النبيلة مع ابتكار عناصر ومتممات ركحية تقدّم جانبا من الثقافة الصينية الضاربة في القدم، مع العلم وأن هذه المجموعة قدمت حوالي مائة عرض مسرحي يبرز أهمّ القيم السائدة ويبعث في الحضور طاقة إيجابية تأسست عليها هذه الفرقة.
عرض حضره سفير دولة الصين لدى تونس إلى جانب عدد من الدبلوماسيين وعدد من أفراد الجالية الصينية في تونس.
التعليقات
علِّق