حكومة بودن تتجاهل الصحافة المكتوبة
أشرفت رئيسة الحكومة، نجلاء بودن رمضان، ظهر أمس بقصر الحكومة بالقصبة، على مجلس وزاري مضيق خصص للنظر في إشكاليات قطاع الاعلام في تونس و قد استبشر أهل القطاع حال سماعهم بعقد المجلس الوزاري المذكور ظنا منهم أنها خطوة جيدة لفض مشاكل هذا القطاع المنكوب و المنسي.
لكن بعد نشر بلاغ رئاسة الحكومة أصيب أغلب العاملين بالقطاع بخيبة أمل كبرى بعد أن تبين أن المجلس الوزاري المذكور خصص فقط للنظر في الصعوبات التي تواجهها الإذاعات و التلفزات دون سواها . و تحديدا طريقة تسديد الديون المتخلدة بذمتها لدى الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي وذلك جراء تداعيات أزمة جائحة كورونا والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها بلادنا منذ مدة .فهل أن مؤسسات الصحافة المكتوبة الورقية و الالكترونية بمنأى عن الصعوبات لذلك لم تفكر الحكومة في طرح ملفاتها امام المجلس الوزاري ؟ و الى أي مدى أصابت الحكومة في القرارات التي اتخذها لفائدة القطاع السمعي البصري ؟ و هل هذه الخطوة كافية بالنسبة لأهل القطاع الذي ينتظر طويلا تحركا من الدولة لإنقاذه؟
كل هذه التساؤلات تخامر أذهان أهل القطاع منذ يوم أمس .
ما من شك أن ديمومة المؤسسات الإعلامية ككل في المشهد الحالي جد مهددة فالصحافة المكتوبة جزء من المشهد الإعلامي و لا يمكن استثناءها من القرارات التي يجب أخذها لتحسين وضعية القطاع فطاقتها التشغيلية جد عالية و دورها هام في إيصال المعلومة للمواطن و في انجاح التجربة الديمقراطية التونسية و المحافظة على التعددية.
و الغريب في الأمر أننا علمنا بوجود اتصال بالهياكل المعنية التي تشرف على قطاع الصحافة المكتوبة و تم طلب اعداد ملفات لشرح الإشكاليات التي تعيشها و الحلول المقترحة بهدف عرضها على رئاسة الحكومة لكن لم يتم لليوم دعوة أي كان للتحاور معه بخصوص أبرز الصعوبات التي تحول دون استمراريتها رغم وجود ملفات لا يمكن السكوت عنها أكثر مثل ملفي "دار الصباح" و "سنيب لابراس" هاتين المؤسسين العريقتين اللتين تنتظران تحركات جدية لإنقاذهما. ورغم غلق عدة جرائد ورقية مثل "البيان المصور اخبار الجمهورية و الضمير الفجر الانوار" و غيرها و إحالة العديد من الصحفيين و التقنيين و العملة على البطالة بعد أن عانت صعوبات مالية خانقة خاصة مع غلاء الورق و ارتفاع أسعار التكلفة و منافسة وسائل التواصل الاجتماعي لها و تراجع المقدرة الشرائية للمواطن. فان الحكومة لم تتحرك لإيجاد حلول لقطاع الصحافة .
و بالرجوع للمجلس الوزاري المذكور الذي خصص للنظر في إشكاليات المؤسسات الاذاعية و التلفزية فلا يختلف اثنان أن تسديد الديون لديوان الارسال الإذاعي و التلفزي هو اشكال من بين إشكالات القطاع السمعي و البصري لكن هناك إشكاليات أخرى تتجاوز ذلك بكثير من بينها المشاكل الهيكلية و التنظيمية فأغلب هذه المؤسسات نجهل مصادر تمويلها و من يقف وراءها و ما الهدف من بعثها خاصة ان الخط التحريري يتغير في كل مرة و بشكل ملفت دون تحرك يذكر من الهياكل المعنية .
أما عن قرار المجلس تجديد الإمتياز المتعلق بالتخفيض في معاليم البث وإعادة جدولة الديون لفائدة القنوات الاذاعية والتلفزية فكان محل جدل و تباين في المواقف و حسب عدد من أهل الاختصاص هذه الطريقة يمكن أن تهدد الموازانات المالية للديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي وقدرة هذه المؤسسة الوطنية على تغطية تكاليف البث الأرضي والفضائي و هذا فيه أيضا تكريس للمنافسة الغير متكافئة بين القنوات فبعضها يلتزم بسداد أقساطه للديوان و البعض الاخر يعفى من ديونه .
عن طريق المسكنات و باعتماد خطوات جد متباطئة تقابل حكومة بودن مشاكل قطاع مهم و حساس في تونس ألا وهو قطاع الاعلام في ظل غياب ممثلين عنه في مثل هذه الجلسات الوزارية التي تتناول مصير المهنة و أهلها .
فالى متى ؟
ايناس
التعليقات
علِّق