اللجنة العلمية لمجابهة كورونا : مفتي السلطان؟!

اللجنة العلمية لمجابهة كورونا : مفتي السلطان؟!

في بداية انتشار جائحة كورونا نهاية 2019 أنشأت كل الدول تقريبا لجانا لمجابهة الفيروس اللعين تتكون من خيرة العلماء و الاطباء في مجالات الطب المختلفة و تطعّم في بعض الاحيان بعلماء في علم الاجتماع و علم النفس وهي عادة لجان غير مسيّسة بل لها علوية القرارات التي تطبّقها الحكومات دون تردّد.

في تونس ومنذ اكتشاف أول حالة للفيروس في بداية شهر مارس 2020 تولى المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة التابع لوزارة الصحة عملية متابعة ومراقبة الحالة الوبائية لفيروس كورونا في تونس وخارجها، إلى جانب إطلاقه لعمليات التحسيس والتوعية ونشر المعلومات حول الفيروس داخل البلاد، كما قامت الوزارة بتكوين اللجنة القارة لمتابعة انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث تم إقرار الإستراتيجية الوطنية للترصد والتوقي من فيروس كورونا المستجد وبعدها الخطة الوطنية للتصدي لفيروس كورونا الجديد. ودخل مركز العمليات الصحية بوزارة الصحة العمل بصفة متواصلة على مدار 24 ساعة وهو ما أصطلح عليه باسم اللجنة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا و التي كانت مكونة من خيرة الأطباء وكان التونسيون حينها يتبعون توصياتها و نصائحها حتى بلوغ صفر حالة في شهر ماي 2020.

لكن تدخّل السياسة في عملها وخضوعها للضغوطات حاد بها عن مسارها حيث لم تمانع في فتح الحدود أواخر جويلية 2020 لتتفجّر بعدها الأوضاع الصحية و تسجل تونس في ظرف أقل من سنة 25ألف قتيل بالكورونا و اصابة أكثر من مليون شخص.

وازداد الأمر تعقيدا بتغيير أعضائها أكثر من مرة و فشلها الذريع في سياسة التوقي من خلال قراراتها الخاطئة و المرتعشة. وكلّنا يتذكّر كيفية غضّها الطرف عن مظاهرات الاحزاب مقابل احجامها عن ايقاف الدروس و منعها للحفلات الفنية و قطع أرزاق الالاف من العاملين في هذا القطاع و المرتبطين به.

ومع بداية الموجة الخامسة لم نسمع لهذه اللجنة صوتا بعد أن تم تجميد نشاطها بصفة غير مباشرة بعد مسك الصحة العسكرية بملف الكورونا منذ 25جويلية 2021.

ولكن هذه اللجنة عادت للكلام غير أنها كما يقول المثل العربي سكتت دهرا و نطقت سفها حيث ضربت عرض الحائط النداءات المتكررة من النقابات التعليمية و من مكونات المجتمع المدني و أولهم المنظمة الدولية لحماية اطفال المتوسط و التي حذرت جميعها من الوضع الكارثي في المدارس و في المؤسسات التعليمية ودعت لايقاف الدروس لثلاثة أسابيع على الاقل ثم المرور لنظام الافواج .

هذه اللجنة اقترحت قرارات غريبة تزلّفا للسلطة الحاكمة كما يؤكده جل التونسيين حيث لم تقترح لا ايقاف الدروس و لا نظام الافواج و تركت لوزارة التربية سلطة تقدير ايقاف الدروس و اغلاق الاقسام مع ما سيخلّفه ذلك من تفاوت في التحصيل المدرسي و ما سيخلقه من فوضى في الامتحانات .

مقابل اقتراحها لمقترحات تبنتها الحكومة فورا واهمها منع التجمعات و اقرار حظر التجول وهي مقترحات وقائية لتحركات و احتجاجات منتظرة بداية من يوم 14جانفي و لا علاقة لها بالتوقي من الكورونا و كسر حلقات العدوى وهذا التأويل تؤكده الوقائع و يردده التونسيون .

في المحصلة فشلت اللجنة العلمية لمجابهة كورونا في ان تكون علمية و كان عليها ان تأخذ بالاعتبارات العلمية فقط في عملها واولها الحفاظ على صحة ابنائنا فهم أهم من كل السياسيين و يجب ان يكونوا الابعد عن عبث العابثين.

هذه المقترحات الغريبة و المريبة حادت باللجنة العلمية عن طريقها و بعد أن كانت مفتي العلم و الحق تكاد تتحوّل الى مفتي السياسيين أو كما يقال الى مفتي السلطان.

ريم بالخذيري

التعليقات

علِّق