في رسالة مفتوحة لرئيس الجمهورية: "اللغة العربية مسألة سيادة وطنية"
بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للغة العربية وجه مجموعة من المثقفين التونسيين الرسالة التالية لرئيس الجمهورية قيس سعيد:
"فخامة الرئيس ،
بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للّغة العربيّة، يشرّفنا - نحن الممضين على هذه الرسالة – أن نخاطبكم بخصوص حال اللّغة العربية في بلادنا وحاجتها إلى عناية خاصّة من فخامتكم ومن كلّ مؤسسات الدولة ومسؤوليها ومختلف نخبها، بما يعيد إليها اعتبارها الكامل ويغرس الاعتزاز بها في نفوس كلّ المواطنين وخاصّة الشباب منهم، ويفعّل دورها التنموي والحضاري، ويجعلها
– لسانا وثقافة وفكرا وتعبيرا علميّا ورابطة اجتماعيّة وعامل وحدة وطنيّة
– ركيزة أساسيّة من ركائز الأمن القومي لبلادنا .
فخامة الرئيس ،
نخاطبكم من منطلق واجبكم في الحفاظ على وحدة الدولة التونسية واحترام دستورها وخاصّة الفصلين الأوّل والتّاسع والثلاثين منه. ونحن متأكّدون من اقتناعكم التّام بأنّ اللّغة مسألة سيادة وطنيّة، وأنّ أيّ تهميش لوظائفها وأدوارها، أو تشويه يصيب ألفاظها وعباراتها وأساليبها، أو وهن يحلّ بها ويحطّ من قيمتها ومكانتها في وجدان أهلها ... لهي أعراض ومؤشرات على اختلال الذاتية الوطنيّة وخطر يهدّد الأمن القومي.
فخامة الرئيس،
إنّ الأمن اللّغوي والثقافي ركن من أركان الأمن القومي الشّامل. واسمحوا لنا بالقول إنّ الأمن اللّغوي في بلادنا ليس قائما بالقدر الكافي وعلى الوجه المطلوب. فتعريب الإدارة لا يزال منقوصا على الرّغم من أنّ الحقوق اللّغوية للمواطن تفرض التعامل معه بلغته الوطنيّة، وتدريس العلوم في التعليم العالي وحتى في التعليم الثانوي والتكوين المهني لا يزال يتمّ بلغة أجنبية على الرغم مما برز خلال العقود الأخيرة من ضعف كبير في اكتسابها مع ما يترتب على ذلك من عجز في تحصيل العلوم ذاتها وبالتالي من إخفاق مدرسي ما كان ليحصل بهذه الدرجة لو تعلّم تلامذتنا باللّغة العربيّة. لكنّ أخطر ما تعيشه اللّغة العربيّة – بمستوييها الفصيح المشترك والدارج المحلّي – ببلادنا في العقود الأخيرة هو الخلط بين العربية واللّغات الأجنبيّة في الإعلام المسموع والمرئي وفي القنوات الخاصّة وحتّى العموميّة، دون أن تتحرّك السلطات المختصّة لترشيد الاستخدامات اللّغوية الضارة بمتن اللّغة ومكانتها في المجتمع وبالتالي بالثقافة الوطنيّة وسلامتها من الاختراق والتشويه والابتلاع .
فخامة الرئيس،
نهيب بكم أن تبادروا، بحكم صلاحياتكم الدستورية، إلى ترشيد وتنظيم حال اللّغة العربيّة بتونس لتبقى اللغة الوطنية والرسمية نصّا وفعلا، ولتكون في خدمة الأهداف الوطنية ومصالح المواطنين المادية والأدبية. ونقترح على فخامتكم الإيعاز باتخاذ إجراءات تؤكّد رسمية اللّغة العربيّة وضرورة تعميم استخدامها في كلّ المجالات وعلى مراحل طبقا لمخطط مدروس. ونرى أنّه من الضروري والعاجل وضع حدّ للخلط اللغوي لدى كل المسؤولين وفي الإعلام المسموع والمرئي بالقطاعين العمومي والخاص بالنظر إلى ما للإعلام من أثر فعّال في تشكيل النمط اللّغوي والمرجعيّة الثقافيّة والسّلوكيّة للمواطنين.
ونرى أنّه من المتأكّد أيضا الإيعاز بوضع حدّ للغزو اللغوي الأجنبي في الإعلانات التجارية وترويج المنتجات الاستهلاكيّة بما يعيد إلى العربية مكانتها في الشّارع والفضاء العام.
فخامة الرئيس،
ستحتضن بلادنا في العام القادم القمّة الفرنكوفونية التي سيكون من نتائجها دعم اللّغة الفرنسيّة وثقافتها. ونحن نرجو أيضا أن تحظى اللّغة العربية – لغتنا الوطنية والقومية – بأكثر ممّا يمكن أن تحظى به أيّة لغة من اللّغات الأخرى التي نحترمها جميعا ونسعى إلى أن تكون لنا روافد تثري لغتنا وتدعمها بدل أن تجتاحها وتهيمن عليها. وتقبلوا، يا فخامة الرّئيس، فائق احترامنا ووافر تقديرنا."
القائمة المؤقتة للممضين على الرسالة بالترتيب الألفبائي:
-أحمد بوعزّي جامعي
-أحمد ذياب جامعي
-الأمين البوعزيزي باحث
-حسّان قصّار جامعي
-حنان عروس جامعية
-سفيان العرفاوي صحافي
-سفيان مخلوفي طبيب نفساني
-سمير السماوي طبيب
-عبد الرحمان الادغم وزير سابق
-عبد اللطيف عبيد وزير سابق
-فتحي جرّاي وزير سابق
-محمد الحامدي وزير سابق
-محمد شندول جامعي
-محمد عبد العظيم جامعي
-محمد نجيب النوي طبيب
-محمود الذوادي جامعي
-منصف مزغنّي شاعر
التعليقات
علِّق