عبد الوهاب الهاني : تونس تفشل في تمرير قرار أُممي وتدفع ضربية الانقسام الكبير لمجلس الأمن الدولي

بقلم عبد الوهاب الهاني
فشلت تونس في تمرير قرار أُممي وتدفع ضربية الانقسام الكبير لمجلس الأمن الدولي حول سبل مكافحة جائحة فيروس كورونا كوفيدـ19.. فبعد خمسة أسابيع من صيحة فزع الأمين العام ومن المطالب المُلحَّة للانعقاد التي للدُّول العشرة غير دائمة العضوية، ومن بينها تونس وألمانيا، تجاوز الخمسة "الكبار" دائمي العُضويَّة صراعاتهم الثَّنائيَّة بين الصِّين والولايات المتَّحدة من جهة حول منشأ الفيروس، وبين هاته الأخيرة وروسيا حول رفع العقوبات الزَّجريَّة.. ولكنَّ جلسة مجلس الأمن المُغلقة يوم أمس الخميس 9 أفريل 2020، عبر التَّواصل بالفيديو عن بُعد، لم تُفض إلَّا إلى إعلان مُقتضب، رغم نداء الوحدة والتَّضامن الَّدي وجَّهه الأمين العام أنوتونيو غوتاريس "لربح "معركة الجيل" وسبب وجود الأمم المتحدة نفسها، ولنتغلب على الوباء سنحتاج إلى العمل معًا"..حيث جاء بالبلاغ المقتضب عقب الجلسة أنَّ المجلس "استمع إلى الأمين العام وعبَّر له عن مسانتده لكل مجهوداته المتعلقة بالتأثيرات المحتملة لجائحة فيروس كوفيدـ19 للبلدان التي تشهد صراعات وجدَّد دعوته للوحدة والتَّضامن مع كل المصابين".. أمَّا تونسيَّا، فبالرَّغم من التسويق داخليًّا لمشروع قرار أُممي، فإنَّ بلادنا لم تتوفَّق في تعبئة الدَّعم الدُّولي وخاصَّة بين الدُّول دائمة العُضويَّة.. فحتَّى فرنسا، لم تُساند مشروع القرار التُّونسي الَّذي يدعو أساسا إلى تبنِّي نداء الأمين العام بإعلان وقف "إنساني" لإطلاق النَّار في النِّزاعات المُسلَّحة حول العالم.. وبالرُّغم من دعم من طرف 9 من 10 من الدُّول الصَّديقة غير دائمة العضويَّة (باستثناء جنوب إفريقيا، لأسباب غامضة)، فإنَّ تعبئة الدَّعم الإقليمي المغاربي والعربي والإفريقي والإسلامي لم تكن في أعلى مستوياتها للضَّغط على صداقاتها الثُّنائيَّة لدعم مشروع القرار لدى دائمي العُضويَّة.. بالإضافة إلى عدم التَّوفُّق في تعبئة الدَّعم لدى الرَّأي العام الدُّولي والإعلام العالمي.. لفلم يُدلِ مثلا لا رئيس الجمهوريَّة ولا رئيس الحكومة ولا رئيس الدِّيبلوماسيَّة وزيرنا للخارجيَّة ولا مُساعدته كاتبة دولتنا للخارجية ولا سفيرنا لدى الأُمم المتَّحدة بنييورك ولا أيّ مسؤول من مسؤولي الدَّولة التُّونسيَّة ولا حتَّى من الخبراء أو النُّشطاء التُّونسييِّين بأي تصريح لايَّة وسيلة إعلام دوليَّة نافذة ومؤثِّرة في القرار الدُّولي لتعبئة الدَّعم لمشروع القرار التُّونسي.. ولم تتوفَّق بلادنا في دعم المنظَّمات الإقليميَّة الَّتي تنضوي تحتها بلادنا، ولا مراكز البحث ولا المنطَّمات غير الحكوميَّة ذات التَّأثير الدُّولي الواسع رغم التقاء الكثير منها مع أغلب ما ورد في مشروع القرار التُّونسي.. الآن، تعمل فرنسا على تعبئة الدَّعم لمشروع قرار "خفيف" يتبنَّى بصيغ عموميَّة نداء الأمين العام بوقف إطلاق النَّار الإنساني، ساحبة البساط من تحت تونس ومن تحت الدُّول غير دائمة العضويَّة العشرة.. تونسيًّا، نجحت تونس مرحليا عن طريق بعثفتا الدَّائمة لدى الأمم المتَّحدة بنيويورك في تجعيم لُحمة الدُّول غير جائمة العُضويَّة، ولممنا لم نوفَّق إلى الآن في إقناع أي دولة من الخمسة جائمي العوية.. على بلادنا وديبلوماسيَّتنا استخلاص الدُّروس والعبر من محاولة إجهاض مشروع القرار التُّونسي لدى مجلس الأمن، بعد أسابيع قليلة من أزمة إفشال مشروع القرار الفلسطيني العربي التونسي لرفض مشروع الإدارة الأمريكية المُسمَّى صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية وما رافق الإقالة الغامضة للسَّفير التُّونسي السَّابق منصف البعتي تحت ضغط أمريكي رهيب.. هذا هو مشروع القرار الثَّاني الَّذي تُقدِّمه تونس والَّذي تجري مُحاولة إجهاضه بسحب بساط فرنسي لا يليق بدولة تجمعنا بها أواصر الصَّداقة والتَّعاون في مختلف المجالات وتعيش فيها أبرز جالياتنا في الخارج..
التعليقات
علِّق