في رسالة إلى سكّان قرقنة : وزير النقل سابقا شهاب بن أحمد يدعو إلى الحكمة ورفض أي توظيف من أي نوع كان

في رسالة إلى سكّان قرقنة :  وزير النقل سابقا شهاب بن أحمد يدعو إلى الحكمة ورفض أي توظيف من أي نوع كان

 

نظرا إلى ظروف الأزمة التي تعيشها جزيرة قرقنة وأجواء الإحتقان التي تفاقمت خاصة بعد أن تم فضّ الإعتصام من أمام الشركة البترولية " بتروفاك " وجّه وزير النقل سابقا شهاب بن أحمد رسالة مطوّلة ومعبّرة إلى أبناء مسقط رأسه جزيرة قرقنة دعاهم فيها إلى التعقّل للخروج من هذه الأزمة مؤكّدا أن العنف لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحلّ أي مشكل مهما كان خاصة أنه يدرك جيدا الرهانات المطروحة والتوظيف السياسي الذي تقوم به بعض الأطراف التي تفضّل مصلحتها حتى لو كان ذلك على حساب مصالح أبناء الجزيرة قاطبة .
ونظرا إلى أهمّية هذه الرسالة التي تلخّص حقيقة الأوضاع في قرقنة وتقدّم حلولا عملية للخروج من الأزمة نقدّم لكم محتواها في ما يلي :
 
" أيها الإخوة أيتها الأخوات في جزيرة قرقنة '
منذ بضعة أيام تمرّ جزيرتنا بفترات صعبة ميّزها العنف بكافة الأشكال . وبعد أن عاينت بمرارة تلك الأحداث التي ما زالت متواصلة بجزيرتنا الجميلة وبعد أن عاينت أيضا وحللت التوظيف الذي خضع له البعض من قبل البعض من الفاعلين وبعض الأحزاب السياسية وبعض المنظمات أيضا أستطيع القول إن كافة " القراقنة " حزانى لما يحدث . إن الحق في حياة كريمة والحق في العمل والمساهمة في الحياة الإجتماعية للبلاد هو حق يدخل في إطار ثورة 14 جانفي 2011 التي تجلّت من خلالها الإرادة الحقيقية للشعب التونسي ولساكني جزيرة قرقنة التي قدمت أيضا شهداء .
ومنذ ذلك الوقت لاحظنا بكل أسف أن جزيرتنا أصبحت مسرحا لكافة أنواع العنف وإلى دعوات الكراهية وإلى التوظيف من أجل غايات سياسية . فهل يمكن لشبابنا ذكورا وإناثا أن يعيشوا في أمان وسط الفوضى ؟ .ماذا سنفعل بمبادئنا التاريخية الثمينة التي تربى عليها سكان قرقنة جميعا ؟. هل نسينا تاريخنا المجيد ؟.
إن ما يشغلنا ويقلقنا يجب أن يوجّهنا من أجل الحيلولة دون دفع جزيرتنا نحو المجهول ودفع بلادنا إلى مصيرلا نعرفه ولا نتحكم فيه ولا نعرف إلى أين سيأخذنا .
إن لغة العنف لم تحلّ يوما أي مشكل في أي بلد كان وإن الشعوب التي جرّبت العنف تدرك جيّدا أنه يؤدّي إلى نتائج قد لا ينفع معها الندم .
هل علينا اليوم أن ندعو باسم وحدة جزيرتنا ووحدة بلادنا إلى إقامة الدليل على التعقّل والحكمة وضبط النفس وإلى نبذ الإحتجاجات العنيفة حفاظا على جزيرتنا وبلادنا من الكارثة ؟.
لقد عانت جزيرتنا بلا أدنى شك من التهميش منذ الإستقلال . صحيح أيضا أن جزيرتنا تعاني من واقع تعيس ومرّ وهي " تعيش دون أن تحيا " حقيقة وذلك منذ أجيال وأجيال ... صحيح أن الشتاء لا يحتمل في قرقنة في الظروف الراهنة وأن الجزيرة تصبح معزولة عن العالم وأن السكان يعيشون الكوابيس بمجرّد أن تسوء الأحوال الجوية ... صحيح أيضا أن الجزيرة تفتقر إلى الكثير من وسائل النقل وإلى التنمية وأن الوضع الدرامي الذي يعيشه سكان الجزيرة ليس سوى نتيجة لهضم حقوق هؤلاء التونسيين الذين لم يقع التعامل معهم كسائر التونسيين الآخرين من ساكني المدن التونسية الأخرى لكن الوقت قد حان كي نحافظ جميعا على جزيرتنا وعلى بلادنا في هذا المنعرج الحاسم من تاريخنا . لذلك يجب أن تكون كل كلمة موزونة وفي محلّها . وعوض أن نهرول نحو العنف والفوضى تعالوا نستثمر في بناء مستقبل أفضل لجزيرة قرقنة ولبلادنا تونس . تعالوا نتنظّم في مجموعات تفكير من أجل تنمية جزيرة قرقنة . تعالوا لنكون قوة اقتراح بنّاءة ... تعالوا لنقترح مشاريع هيكلية في مجالات المحافظة على المحيط والمهن البحرية والصيد البحري والفلاحة وفي النقل والسياحة وحفظ البيئة والطاقات المتجددة ....
تعالوا نتّفق حول المبدأ من أجل مساعدة وحثّ الفاعلين الإقتصاديين المنتصبين بالجزيرة على إبداء مسؤوليتهم الإجتماعية من خلال تمويل المشاريع ... تعالوا نتحرّك جميعا من أجل دعم المؤسسات التي تعمل بالجزيرة من أجل أن تتحمل مسؤولياتها الإجتماعية . تعالوا نتنظّم من أجل مساعدة وحثّ المؤسسات العاملة بقرقنة على إدراج شواغلنا الإجتماعية والبيئية والإقتصادية ضمن أنشطتها وتفاعلاتها مع أصحاب المصالح على أساس تطوّعي ... دعونا نطرد ونرفض التوظيف ولنختر التعقّل والحكمة والرصانة والنظر إلى المستقبل الأفضل لتونس ومستقبل أفضل لقرقنة ... ومستقبل أفضل لأبنائنا ...".
 
جمال المالكي 

 

التعليقات

علِّق