إلى محمد علي العروي : دولة البوليس رحلت إلى الأبد ... والتشنّج المفرط لا يجدي " أحد "

إلى  محمد علي العروي : دولة البوليس رحلت إلى الأبد ... والتشنّج المفرط لا  يجدي " أحد "

الحصري - مجتمع

لاحظنا في المدة الأخيرة أن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية  محمد علي العروي  بات يتشنّج لأبسط الأسباب ويفقد هدوءه بكل سهولة . وإذ نبدي تفهمنا لهذا التشنّج الزائد ونحاول أن نجد له الأعذار والمبررات التي منها بالخصوص تواتر الأحداث وسرعتها وكونه الوحيد الذي يتحدث باسم الوزارة فتجده أحيانا كامل اليوم متنقلا ( حتى وهو في مكانه ) بين مختلف وسائل الإعلام  فإن المنطق كذلك يقتضي أن نوضح له البعض من الأمور التي قد تكون غابت عنه  ولا بأس من التذكير ببعضها وتوضيح البعض الآخر .
لقد أعادت تصريحات العروي والبعض من مواقفه المتشنجة  إلى الأذهان صورة لا أحد منا يريد لها أن تعود وهي الصورة السلبية للعلاقة بين الصحافة ورجال الأمن خاصة أمام تزايد الإعتداءات على الصحافيين رغم وعود الداخلية في أكثر من مرّة بأنها  " لن تتكرر "  . ولوحظ أيضا أن السيد محمد علي العروي باتت له  حساسية مفرطة من الإعلام  فبات يتشنّج كثيرا ولا يتحكم في أعصابه ويقوم بردود أفعال يفهمها البعض على أنها  " تهديدات " ضد الصحافيين . ولنا في هذا الباب أن نذكّر أيضا بالتشنّج المفرط الذي أبداه العروي في حصة  " الماتينال " مع الزميل وائل التوكابري على موجات إذاعة  " شمس – أف – آم " . و يمكن القول أيضا لقد بات جزء كبير من أفراد الشعب يعتقد أن الممارسات التي كانت في عهد بن علي من تضييقات على العائلات  وقمع  الحريات  قد عادت من جديد ... وقد تعود بصورة أكبر تحت غطاء مكافحة الإرهاب الذي نؤكد جميعا أننا ضده وندينه ونضع أنفسنا جنودا إلى جانب قوات الأمن والجيش والحرس والديوانة لمحاربته .
ولعل الأهم في ما نقول هو ما حدث في حلقة البارحة من برنامج " اليوم الثامن " حيث استضاف حمزة البلومي  راضية الغرسلّي شقيقة  مراد الغرسلّي المطلوب الثاني بعد " أبو عياض " بتهمة الإرهاب . وقد سمعنا جميعا  وسمع معنا  الحاضرون في البرنامج ما قالت هذه المرأة الشابة ولم نجد فيه ما يدعو العروي إلى التشنج وإلى التدخل بتلك الطريقة التي ما كان لها أن تحصل لو أنه تمسّك ببرودة أعصابه وتعامل مع ما حدث بالحكمة قبل كل شيء . فهذه المرأة ومنذ اللحظات الأولى قالت إنها وعائلتها ضد الإرهاب وضد شقيقها الإرهابي وتمنت مثلما تمنت عائلتها لو أن شقيقها قد قبض عليه ليدفع ثمن ما ارتكب من جرائم . وقالت أيضا إنها تتعاطف مع أهالي كافة ضحايا العمليات الإرهابية ... وفي المقابل قالت إن بعض الأمنيين حوّلوا حياة العائلة إلى جحيم لا يطاق بمعاملاتهم السيئة والإهانات المتواصلة والكلام الذي لا يليق على غرار " أنتم عائلة إرهابية ... وسوف نجتثكم من جذوركم " حسب ما قالت هذه المرأة طبعا .وبما أن كلامها بما فيه تلك التساؤلات التي تخص شقيقها واحتمال أن تكون بعض الأطراف الأمنية قد ساعدته على الفرار خطير كان على السيد محمد علي العروي أن ينصت جيّدا إلى ما قالت حتى لا يفهم من تدخله المتشنّج أنه يتّهمها وعائلتها بالإرهاب . وكان عليه أيضا وهو من أدرى الناس بذلك أن لا يحشر الجميع  في قارب واحد طالما أن العقاب فردي وأنه لا يمكن لأي شخص أن يتحمل وزر أفعال قام بها  شخص آخر مهما كانت دراجة القرابة التي تربط الشخصين . أما في ما يخص ما طلبه من النيابة العمومية فهو من حقه لكن ليس بتلك الطريقة لأن النيابة هي التي تأمرني وتأمره وتأمر الوزير ورئيس الدولة ... ولا تتلقى الأمر من أحد .
ويبقى كلامنا هذا دائما من أجل هدف واحد كنّا من السباقين إلى القيام به وهو مراجعة العلاقة بين الأمن والمواطن  نحو الأحسن انطلاقا من أن الأمن في خدمة الشعب وليس العكس . ويبقى كذلك أن نطلب من العروي أو من وزارة الداخلية أن تقوم بتعزيز المكتب الإعلامي  للوزارة بأشخاص آخرين يساعدون العروي ويكونون قادرين على التواصل والتخاطب لأنه يبدو أن السيد العروي قد أرهقته المهمّة فصار من النادر أن يردّ على الاتصالات الهاتفية للصحفيين وصار يمنح تراخيص التصوير لفضائيات معينة واقصاء وتهميش فضائيات أخرى متناسيا أن جميعهم "  إعلاميون "  ... وهذا ما قد يفسّر التشنّج الذي يكاد يصبح إحدى ميزاته في المدة الأخيرة .
 ونختم بسؤال نوجّهه إلى السيد العروي وهو : لماذا لم يعترض التونسيون على تعيين وزير للداخلية يحمل نفس اللقب الذي يحمله الإرهابي الهارب مراد ؟. وطبعا الإجابة موجودة في السؤال ذاته وفي سياق الكلام وملخّصها أنه لا يمكن أن يتعارك سعد وسعيد  فيتم وضع مسعود في الحبس .
جمال المالكي  
 

التعليقات

علِّق