يوسف الشّاهد ... بين الضّغط الشعبي و دكتاتورية الاحزاب

يوسف الشّاهد ...  بين الضّغط الشعبي و دكتاتورية الاحزاب

 

منذ أن تولى رئاسة الحكومة أي في أوت 2016 يوسف الشاهد يجابه ضغوطات شعبية عارمة و قوية في عديد الجهات وخاصة في الجنوب والشمال الغربي للبلاد إلى حد أن الحكومة فقدت سيطرتها على الأوضاع و تخلت عن نفوذها السيادي و فسحت المجال للجان الشعبية لتحكم وتفرض شروطها و طلباتها و ترضخ الحكومة لإرادتها .وهي لجان شعبية تحضى بسند شعبي كبير .وهي فاقت من حيث النفوذ اللجان الشعبية التي عرفناها في عهد العقيد القذافي رحمه الله . وهذا السند الشعبي يفسر مدى شرعية الإحتجاجات والإعتصامات من أجل التشغيل و لقمة العيش و تأميم الثروات وتوزيعها توزيعا عادلا على شعب أصبحت أغلبيته على عتبة الفقر وبلاده فاقدة لسيادتها و في حالة إفلاس و مستقبل أجياله في ضبابية مطلقة و حكامه في خصام مستمر من أجل التموقع و الضفر بالنصيب الأوفر من كعكة الحكم والنفوذ لصالح أحزابهم و مناصريهم وعائلاتهم على حساب الشعب والوطن .لقد عاش يوسف الشاهد منذ سنة مأساة سياسية تتمثل في عزله من دور الحاكم الفاعل المؤثر والمقتدر ليتقمص دور الشاهد المتفرج غير قادر على وضع خطته وبرنامجه حيز التنفيذ .مما زاد في تدهور الأوضاع و جعلها مستعصية عن كل الحلول المقترحة .
و قد أراد رئيس الدولة من خلال إرساء وثيقة قرطاج للم شمل الأحزاب حول حكومة الشاهد قصد دعمها و لكن المبادرة كانت عكسية .إذ أشعلت نار الفتنة بين الأحزاب وحتى بين رئيس الحكومة و المنتمين لحزب نداء تونس و خاصة نجله حافظ .و على مدى سنة بأكملها تنامت الصراعات بينهم إلى حد إفشال الحكومة برمتها و فرض تحوير وزاري على مقياس الأحزاب و علاقاتهم الشخصية و المصلحية .فيوسف الشاهد الذي أتى به رئيس الجمهورية بصفته شاب مقتدر وطموح و لن يخونه لأنه ينتمي لعائلة سياسية مناضلة عمل معها طويلا في عهد بورقيبة .و ما دار في جلسة منح الثقة للحكومة في مجلس نواب الشعب لا يدل إطلاقا على مساندة الشاهد ر غم فوزه و فريقه بأغلبية الأصوات .فجل المتدخلين بما فيهم نواب نداء تونس و جهوا للشاهد إنتقاد ات لاذعة وعبروا عن عدم رضاهم و عدم إرتياحهم لوضع البلاد و للنتائج السلبية في كل الميادين.فهم يريدون الحط من معنوياته و عزيمته . ورسالتهم توحي بقولهم : لسنا راضين عنك ولكن سنصوت ونمنحك ثقتنا إمتثالا و إنضباطا لأوامر أحزابنا و من ورائهم رئيس الدولة . فيوسف الشاهد ينطلق من جديد مكبل اليدين و ربما الرجلين و عليه أن يحرر نفسه بنفسه و يفرض إرادة الشعب من خلال قراراته وخططه من أجل تونس .و هذا يذكرني بمقولة الرئيس الفرنسي شارل ديغول سنة 1958 : Le Gouvernement des partis est une catastrophe nationale أي أن حكم الأحزاب كارثة وطنية .

بقلم : بولبابة قزبار

 

التعليقات

علِّق