يعملون 29 ساعة في الأسبوع ولا ينقصهم إلا أن يطالبوا بمنحة النوم : ماذا يريد البريديّون بالضبط ؟؟؟

يعملون 29 ساعة في الأسبوع  ولا ينقصهم إلا أن يطالبوا بمنحة النوم : ماذا يريد البريديّون بالضبط  ؟؟؟

لم يكد الناس ينسون إضراب  أعوان البريد  أيام 22 و23 و 24 مارس  الماضي الذي تزامن مع مواعيد صرف جرايات المتقاعدين  وما أثاره من ردود فعل أغلبها كان غاضبا حتى دعت الجامعة العامة للبريد التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل   كافة الأعوان إلى رفع للشارة الحمراء وتنظيم وقفات احتجاجية يومية من الساعة الواحدة إلى الثانية بعد الظهر "  تعبيرا عن رفض السياسة التي تنتهجها إدارة البريد  وذلك إلى حين انعقاد الهيئة الإدارية واتخاذ خطوات تصعيدية " حسب بيان أصدرته في هذا الشأن.

وحسب   هذه الجامعة  فإن إدارة البريد " تعمدت إصدار توقيت هجين في شهر رمضان لا يتلاءم مع ظروف الأعوان ولا ينسجم مع التوقيت المعتمد بالمؤسسات الشبيهة.

وقال  الكاتب العام للجامعة  إن توقيت شهر رمضان كان محل نقاش بين الإدارة والطرف النقابي طيلة السنوات السابقة ولكن تم إقراره أحاديا هذه السنة مشيرا إلى أن غلق الشبابيك على الساعة 14.30 يستوجب تواصل عمل الأعوان ساعة إضافية على أقل تقدير   وأن  هذا التوقيت سيفرض على الأعوان مواصلة عملهم إلى حدود الخامسة مساء.

وأكّد الكاتب العام  أن عمل أعوان البريد سيتواصل إلى حدود الساعة الواحدة 13 ظهرا فقط اليوم  ثم سيقع تنفيذ وقفات احتجاجية   مؤكّدا  تمسك أعوان البريد بمطالبهم وتوجههم نحو التصعيد في حال عدم الاستجابة لها.

 " دلال " ومغالطات ؟

لن أناقش  مطالبة  البريديين بحقوقهم التي يرون أنها مشروعة ولن أدخل في تفاصيل تلك الحقوق أصلا. إلا أن ما ألاحظه ( ولست وحدي في هذا الأمر) هو هذا " الدلال المفرط " الذي بات يعيش به هؤلاء البريديون . فقد كثرت احتجاجاتهم وإضراباتهم لأتفه الأسباب أحيانا دون أن يراعوا مصالح الناس التي تتعطّل جراء البعض من شطحاتهم مثلما حصل أيام الإضراب الأخير.

ومن جهة أخرى يبدو أن هناك مغالطات في ما يتعلّق بتوقيت العمل الذي أعلن عنه الكاتب العام للجامعة .  فكل الناس يعلمون أن توقيت عمل مكاتب البريد ووكالات البريد السريع ووكالات الطرود البريدية  خلال شهر رمضان المعظم 2022  هو  من الساعة الثامنة صباحا (08.00) إلى الساعة الثانية بعد الزوال (14.00) أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ومن الساعة الثامنة صباحا  إلى الساعة الواحدة بعد الزوال أيام الجمعة.

29 ساعة ويطالبون ؟؟؟

وبعملية حسابية بسيطة سنجد أن أعوان البريد يعملون 29 ساعة في الأسبوع ( 6 ساعات في 4 = 24 ( + 5 ) = 29 ساعة ). وإذا علمنا بأن هناك من يعمل 40 أو 48 ساعة في الأسبوع دون أن يطالب بتقليص ساعات العمل فهل يمكن أن نفهم أو نقبل طلب البريديين بتقليص ساعات العمل؟؟؟. ثم لماذا يحاول البريديون أن يخصّوا أنفسهم بأشياء ل يطالب بها غيرهم من  موظفي الدولة الذين ينتمون إلى نفس القطاع ( العمومي ) والحال أن بقية القطاعات تعمل منذ سنوات طويلة وفق توقيت يعرفه الجميع ولم يحتجّ عليه أحد في السنوات السابقة ؟.

إن ما يحدث اليوم في مكاتب البريد لا يقبله منطق أو عقل. فالبريد التونسي مؤسسة عمومية تخضع إلى قوانين الوظيفة العمومية . وإذا كان العمل يتواصل في مؤسسات الدولة الأخرى فما معنى إيقاف العمل في مكاتب البريد ومصالحه من الساعة 13.00 إلى الساعة 14.00 ؟؟؟ .

إن هذا التصرّف يعتبر جريمة في حقّ المواطن الذي يدفع دائما ضريبة الطلبات والخلافات والتناقضات والدلال الزائد أيضا. والمواطن التونسي من حقّه أن يجد الخدمة التي يطلبها في هذا التوقيت وليس من حقّ أي كان أن يمنعه من هذا الحق ولا معنى لوجود موظفين بمكاتب البريد بين الساعة الواحدة والساعة الثانية وهم لا يعملون ...بل في حقيقة الأمر يتشمّتون من خلال الحضور دون القيام بواجبهم في العمل وتقديم الخدمة للناس ( موش مزيّة ).

وفي كافة الأحوال يبقى السؤال : إلى متى سيتواصل هذا الاستهتار وإلى متى ستبقى السلطة عاجزة عن معالجة الوضع بصفة جذرية  فتعطي حقوق هؤلاء الأعوان إن كانت لهم حقوق وأن تفرض عليهم في نفس الوقت إعطاء حقوق الناس.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق