وعيا منه بأهميّة السياحة في مستقبل الاقتصاد التونسي لم يضيّع وزير السياحة الجديد محمد معز بلحسين الكثير من الوقت ليذهب مباشرة للقاء مهنيي القطاع من أجل  تطويق المشاكل و " الأمراض " التي يشكو منها القطاع واقتراح حلول عاجلة تسمح بالخروج الفعلي والحقيقي من حالة الأزمة التي طالت أكثر من اللزوم.

ومن منطلق إيمانه بأن الإصلاح يمرّ حتما عبر الذهاب إلى أصل المشكل قرر الوزير وتضميد الجراح الحقيقية لهذا القطاع الذي كان في يوم من الأيام مصدر فخر لتونس   قام الوزير  يومي  5 و 6 نوفمبر  2021 بجولة في ولاية توزر  التي تعتبر السياحة فيها  حجر الأساس وقاطرة الاقتصاد طيلة عقود طويلة.

وبعد أن وقف بنفسه على الإمكانات الكبيرة  التي تتوفّر في ولاية توزر ذهب الوزير مباشرة للقاء مهنيّي الجهة والحرفيين ثم زار وحدات سياحية هي اليوم في أمسّ الحاجة إلى اهتمام الفاعلين المحليين بها بهدف وضع النواقص والعقبات التي تقف أمام هذه الوجهة تحت المجهر  وهي نواقص وعقبات عرفها الجميع سابقا وحاضرا  ويعترفون بها.

وبعد أن قام بالتذكير بالخسائر الجسيمة التي تسببت فيها جائحة كوفيد - 19 في القطاع السياحي دعا الوزير إلى الاستئناف التدريجي للنشاط السياحي  مبرزا تحسن المؤشرات وتطوّر عائدات القطاع بنسبة 7 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية ومؤكدا أن الهدف المرسوم في ما يتعلّق بعدد السياح الوافدين على بلادنا  سنة 2021 قد تم تجاوزه إذ استقبلت تونس في الأشهر العشرة الأولى مليونا و940 ألف سائح أي بزيادة قدرها 7.2 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية حسب الأرقام والإحصاءات  الرسمية لوزارة السياحة (  40 بالمائة  من التونسيين بالخارج و30 بالمائة من السياح الأوروبيين ).

* توزر:   نقاط قوة مهمّة  

أكّد وزير السياحة خلال هذه  الجولة أن العديد من القرارات والإجراءات يجب  اتخاذها لدعم السياحة في مناطق الجنوب التونسي وخاصة في توزر الولاية التي توجد على أبواب الصحراء وتتمتّع بسحر خاص ومناخ فريد من نوعه وتوفّر رمالها وشمسها لزائريها لحظات من المتعة والسحر والجمال.

 وتبقى  المشكلة الحقيقية لهذه المنطقة  مرتبطة بإمكاناتها المستغلّة بشكل سيّئ جدا. إحدى الخطوات الأولى التي يعتزم الوزير اتخاذها هي تسهيل الوصول إلى هذه الوجهة السياحية.

وأوضح الوزير أن  أولى الخطوات التي يعتزم اتخاذها هي تسهيل الوصول إلى هذه الوجهة السياحية   مؤكدا أن الدولة خصصت 40 مليون دينار لإعادة تهيئة مطار توز- نفطة وتوسعته داعيا بالمناسبة  شركات الطيران  لإنشاء قواعدها الخلفية في توزر قائلا في هذا السياق : " من الضروري جدا  الآن  أن نعمل جميعا مع كافة الأطراف  المتداخلة لبدء تنظيم الرحلات الجوية إلى المنطقة .".

ولم يغفل الوزير عن ذكر الآثار السلبية لفيروس كورونا على قطاع السياحة في هذه المنطقة مؤكدا أن أكثر من 20 وحدة سياحية أغلقت أبوابها لأسباب مختلفة منها ما هو هيكلي ومنها ما هو متعلّق بالظروف التي مرّ بها القطاع. وقال في هذا الإطار: " إن في نفطة مثلا نزل واحد يشتغل مقابل 4 نزل في توزر " مضيفا أن مساعي حثيثة تبذل اليوم مع البنوك ووزارة المالية والتنمية والتخطيط ووزارة العدل من أجل تحريك وضعيات النزل المغلقة  التي تخضع لإجراءات  قضائية أو التي تمر بأوضاع مالية صعبة.

وأوضح الوزير أنه يعوّل أيضا على دعم وجهود وسائل الإعلام من خلال نقل الآراء والمقترحات المختلفة للفاعلين الجهويين والمهنيين والإدارة. وقال في هذا السياق : " إن كل جهة قادرة على أخذ زمام أمورها بيدها من خلال منظمات إدارة الوجهات  السياحية (DMO )  التي تسمح لمكونات النظام البيئي السياحي بأخذ القرار دون انتظار يأتي من الإدارة المركزية ".

* خطة  إنعاش بأهداف واضحة

بيّن الوزير أن وزارته أعدت خطة إنعاش للأنشطة السياحية ترتكز أساسا على ثلاثة محاور وهي : تنويع الأسواق بالنسبة إلى المنتجات والاستمرارية والرقمنة.

وبيّن الوزير أن مجابهة ظاهرة الموسمية وخاصة هي هذا الظرف الاستثنائي تمرّ حتما بتنويع الأسواق مبرزا أن أسواق أوروبا الشرقية وأسواق الجوار وخاصة منها الجزائر إضافة إلى الأسواق الناشئة على غرار أسواق البلدان العربية ( العراق والأردن وغيرهما )

يمكن أن تشكل بديلا للأسواق التقليدية حيث  أن تصنيف تونس حاليا  يمثل بالنسبة إليها إشكالية.

ومن ناحية أخرى   يعتبر الوصول إلى العديد من الأنشطة السياحية على مدار العام نقطة محورية   ومن هنا تأتي أهمية التنويع من خلال أنماط مختلفة من الإقامة  على غرار الإقامة البديلة مثل النزل  الفاخرة والإقامات  ودورالضيافة.

وأشار  الوزير  بالمناسبة  إلى أن السكن البديل يعاني في الغالب من  إطار غير رسمي. وأن  محاولة تسوية أوضاع المؤسسات تبقى أولوية بالنسبة إليه.

ولم يغفل الوزير عن التأكيد على أهمية النظافة والبيئة والمحيط وعن الدور الهام للبلديات خاصة تلك التي تدعمها وزارة السياحة ماديّا في لعب دورها كاملا في حماية المحيط . وللتذكير فإن وزارة السياحة  تمنح بلدية توزر مساعدة تقدّر بنحو مليون و 600 ألف دينار منذ سنة 1994.

و أشار بلحسين إلى أن رقمنة الإدارة تشكل محورا مهمّا للتكيف مع المتغيرات والتحديات الكبرى.

* قرية حرفية ومسار للواحات الجبلية

خلال هذه الجولة زار وزير السياحة العديد من الفضاءات السياحية على غرار مسار الواحات الجبلية  والقرية الحرفية بتوزر واستمع إلى شواغل الحرفيين والمشاكل التي يتعرضون إليها. وتفاعلا مع شكاوى هؤلاء الحرفيين بسبب قلة الزائرين أعلن الوزير أن برامج الرحلات نحو توزر يجب أن تشمل في المستقبل زيارات للقرية الحرفية.

وصرّح الوزير في هذا الإطار قائلا : " لقد استثمرت الدولة في هذا المشروع من  أجل مساعدة الحرفيين  في الجهة ودعمهم  ومساعدتهم على تطوير منتجاتهم وتثمينها . ونحن ندعو اليوم وكالات الأسفار إلى أن تجعل من القرية الحرفية نقطة قارة في برامجها السياحية على الدوام.".

وبالإضافة إلى ذلك   جذبت مجموعة من المناطق السياحية في واحة توزر السابقة انتباه الوزير  كما هو الحال بالنسبة لمنطقة " دقاش  "  خاصة بعد تصنيفها  منطقة  سياحية  دون اعتبار  مبادرة إنشاء عدد من أماكن  وفضاءات الإقامة السياحية.