وداعا نوال السعداوي... العظماء لا يموتون !

وداعا نوال السعداوي... العظماء لا يموتون !

 

بقلم نهى بلعيد

كنت في الثانية عشر من عمري، حين دخلت أمي إلى غرفتي محمّلة بمجموعة من الكتب لعظماء الأدب العربي المعاصر على غرار توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وجبران خليل جبران ويوسف إدريس ونوال السعداوي وغيرهم.  أول رواية قرأتها لنوال السعداوي كان عنوانها"قضايا المرأة المصرية السياسية والجنسية" وغيرها من الكتب التي لم تتوان والدتي عن اختيارها للمطالعة الصيفية. خلال العودة إلى المعهد، سألنا أستاذ العربية بالمعهد في أول لقاء لنا معه عن أفضل كاتب عربيّ لنا، فأجبت بنوال السعداوي. استغرب من إجابتي، إذ بانت عبارات الاستفهام على محباه، وممّا لا شك فيه أنّه تساءل كيف لفتاة في عمري أن تعرف نوال السعداوي. لكن يبدو أن استاذي آنذاك لا يعرف أنّ نوال السعداوي هي روح كل امرأة عربية مثقفة، حرّة، طموحة، مكافحة، صاحبة مبادئ خاصّة بها، الخ...كوالدتي، وككلّ امرأة تونسيّة تحدّث عنها فرحات حشاد في كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع'.

في الواقع، لم تغادرنا اليوم نوال السعداوي لأنّها تركت إرثا أدبيّا وموروثا ثقافيّا واجتماعيّا ثريّا. هذه الطبيبة التّي أصبحت أشهر روائية مصرية وعربية بفضل دفاعها المستمرّ عن حقوق المرأة المصريّة والعربيّة. فالتاريخ يشهد لها محاربة ظاهرة ختان النساء والدفاع عن منح المرأة لقبها لعائلي لأبنائها وغيرها من القضايا التّي لم يتجرأ على مناقشتها إلاّ قلة من المثقفين. وفصلت سنة 1972 من وزارة الصحة بسبب كتابها " المرأة والجنس " الذي انتقدته السلطات السياسية والدينية.  واتهموها خلال أكثر من مناسبة بالكفر والإلحاد، ولكنّها لم توليهم أهميّة بقدر إيلائها للمرأة أهميّة كبرى. وهي من أولى من طالب بالعالم العربيّ بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وانتقدت أيضا تفسير الدين وفقا للنظام السياسي والحاكمين.

كانت في الأخير تدافع عن حقوقها كامرأة في مجتمع عربي ذكوري. وتركت لنا رصيدا أدبيّا زخّا، نذكر منه : معركة جديدة في قضية المرأة، الإنسان اثني عشر امرأة في زنزانة،  رواية موت الرجل الوحيد على الأرض، تعلمت الحب، توأم السلطة والجنس، رحلاتي في العالم.. إلخ.

نوال السعداوي لم ترحل.. قد نرفض بعض أفكارها ونقبل بالبعض الآخر.. قد ننتقد أقوالها حول الدين.. وقد نعتبر تفسيرها منطقيا .. لكن الأهمّ أن تطالع الأجيال القادمة ما تركته لنا نوال السعداوي من كتابات، لأنّ عقل زينة، والنقاش حول القضايا الاجتماعية دائما متاح.

التعليقات

علِّق