هل يمكن الحديث عن الفقر وأموالنا تذهب إلى جيوب نانسي عجرم وباسكال مشعلاني وملحم بركات ؟

الحصري - مجتمع
ما انفكّ محافظ البنك المركزي يدقّ ناقوس الخطر بسبب تآكل احتياطي تونس من العملة الصعبة وما يمكن أن ينجرّ عن ذلك من صعوبات ومخاطر لا أحد يعرف عواقبها . وكإجراء يمكن اعتباره وقائيّا قرر البنك المركزي إيقاف استيراد بعض المواد التي تعتبر من الكماليات بالنسبة إلى التونسيين وهذا طبع إجراء منطقي ومطلوب . لكن يبدو أن البنك المركزي لم يتفطّن إلى أن الكثير من عملتنا الصعبة " تهاجر " بموافقته وتحت أنظاره دون أن يحرّك ساكنا لإيقاف النزيف . فبمناسبة ما يسمّى عيد الحب لاحظنا " استيراد الكثير من الكماليات " مجسّدة في العديد من الفنانين الأجانب الذين توافدوا على بلادنا ونذكر منهم بالخصوص اللبنانيين نانسي عجرم وباسكال مشعلاني وملحم بركات الذين أحيوا حفلات لا نعتقد أن التونسيين سيموتون إذا لم يحضروها خاصة أن " الكاشي " في بعضها يصل إلى أكثر من 100 ألف دولار. وبطبيعة الحال لا نعتقد أن هؤلاء الوافدين سينفقون ما تقاضوه في أسواقنا بل هي أموال يتم تحويلها إلى حساباتهم بالخارج بالعملة الصعبة بمباركة من البنك المركزي الذي قلنا منذ قليل إنه قرر التقشّف في الكثير من الأشياء . ولعل الغريب في الأمر أيضا أن تذاكر بعض هذه الحفلات وصل إلى حدود خيالية على غرار 400 و 500 دينار أو حتى 1000 دينار في بعض الأحيان ... ومع ذلك فإن الناس تدفع ... !!! فهل يمكن الحديث عن الفقر وعن غلاء الأسعار والناس يتفرجون في عيد الحب على نانسي عجرم بمبلغ يكفيهم مصاريف شهر أو أكثر؟. ولو فرضنا أن الإحتفال بعيد الحب هذا بات شرّا لا بدّ منه أليس الأجدر أن تذهب تلك المبالغ وبالعملة التونسية إلى جيوب الفنانين التونسيين قبل غيرهم ؟. إن المشكلة الكبرى التي أصبحت عندنا في تونس هي أننا ندعو إلى شيء ثم نأتي نقيضه تماما .. ندعو إلى التقشّف وعدم الإنفاق بالعملة الصعبة إلا في ما هو أكيد وضروري ثمّ نبعثر تلك العملة الصعبة في الهواء وننادي مجموعات من الفنانين الأجانب ليكونوا " الحراير " الذين يأكلون عندنا " الفطاير " . وبكل المقاييس نقول إنه كان على البنك المركزي أن يرفض إهدار العملة الصعبة بهذه الطريقة لأننا لا نعتقد أن أصوات ملحم ونانسي وباسكال قد شفت مرضى أو ملأت سلال الفقراء .
جمال المالكي
التعليقات
علِّق