هل يقاطع التونسيون فعلا المواد التي صعدت أسعارها إلى السماء ؟

الحصري - مجتمع
دعت منظمة الدفاع عن المستهلك كافة التونسيين والتونسيات إلى مقاطعة كافة المواد الإستهلاكية التي ارتفعت أسعارها إلى عنان السماء وخاصة المواد التي " ما لهاش لزمة " مثلما يقول أشقاؤنا المصريون على غرار الفلفل الذي استأسد هذه المدة وصار سعره " يلعب " في حدود 3600 مليم ...
وفي الحقيقة ليست هذه المرة الأولى التي تدعو فيها المنظمة إلى المقاطعة لكنها في المقابل لا تتحرك كثيرا ولا تدعو إلى المقاطعة إلا " في الوقت الضائع " . فقد دعت في مرة سابقة إلى مقاطعة اللحوم الحمراء بسبب الأسعار المرتفعة وكادت دعوتها تنجح لولا العادة السيئة للتونسي الذي لا يثبت على مبدأ في كل ما يتعلق ببطنه . ونعتقد أن دعوة المنظمة هذه المرة يجب أن يتفاعل معها كافة التونسيين لأن المقاطعة هي السلاح الأكثر فتكا وردعا من كافة الأسلحة الأخرى . فعندما نقاطع منتوجا ويرى البائع أن ذلك المنتوج سيتلف أو سيبقى علّة على قلبه لمدة طويلة فإنه سيسارع حتما إلى التخفيض في سعره فيتنازل قليلا عن جشعه المفرط ويعود إلى الجادة التي يمكن له بواسطتها أن يكسب أكثر لو أنه يعمل رأيه قليلا .
وبالإضافة إلى دعوات المنظمة لا نعتقد أن التخفيض في أسعار أي منتوج سيتم إذا لم تتغير عندنا العقليات . وهنا سأذكّركم بأمر كنت كتبت عنه منذ حوالي شهرين وهو يلخّص كل الحكاية . فقد ذهبت إلى سوق السمك المشهورة في صفاقس وكانت الصدمة شديدة جدا إذ لا علاقة بين الأسعار هناك والأسعار المعمول بها في باقي مدن البلاد ... سألت فعلمت أن " الصفاقسية " هم الذين يتحكمون في السوق وليس أهل السوق هم من يتحكمون ... فالمعروف أنهم يستهلكون السمك أكثر من كافة التونسيين في المناطق الأخرى . لكنهم لا يخضعون أبدا إلى جشع بائعي السمك أو تجار الجملة فيه . فعندما يقومون بجولة في السوق ويجدون الأسعار مرتفعة يقاطعون السمك بصفة أوتوماتيكية . وبهذه الطريقة ومع مرور الأيام والأعوام أدرك الباعة أنه لا فائدة مع الصفاقسية فرجعوا من تلقاء أنفسهم إلى الجادة .
أما نحن فهناك منّا من يشتري السمك أو غيره حتى لو لامست أسعاره السحب والنجوم التي في السماء . وأما المطلوب اليوم وأمام النيران التي باتت تشتعل في أغلب المواد الإستهلاكة فهو مقاطعة حقيقية لا تراجع فيها إلا إذا تراجعت الأسعار ... ولنا أن نقنع أنفسنا بالسؤال التالي : ماذا سيحدث لو أننا أعددنا ما نأكل دون فلفل متكبّر متجبّر ؟؟؟. هل سنموت ؟ طبعا لا ... فهو مثلما قلنا في البداية " ما لوش لزمة " ... وبالعكس فإننا سنكون رابحين في العملية إذ بسعر الفلفل سنشتري أشياء أخرى أنفع من الفلفل ... وعلينا أيضا أن نقاطع المواد الأخرى وليس الفلفل فقط طالما أن أسعارها في أبراجها العالية ... وتأكدوا من أنه لن يصيبنا من جرّاء المقاطعة أي مكروه .
جمال المالكي
التعليقات
علِّق