هل يرحل الغرسلّي أو يرحّلوه عن الداخلية : حمّام من الدماء..وحصانة بلا حدود !

هل يرحل الغرسلّي أو يرحّلوه عن الداخلية : حمّام من الدماء..وحصانة بلا حدود !

 

بقلم : شكري الشيحي

من المفارقات العجيبة في عهد حكومة نداء تونس والحبيب الصيّد اصرار القيادات السياسية الحالية أو الاطراف المحرّكة للعبة السياسية صلبها على المحافظة على بعض الوزراء ممّن أثبتوا " افلاسهم  "وفشلهم الذريع في إدارة الأزمات أو إصلاح الوضع داخل وزاراتهم منذ اشرافهم عليها.
ولن نذكر في هذا المقال بالاخطاء الكارثية التي ارتكبها وزير الاستثمار والتعاون الدولي ياسين ابراهيم وغيره من زملائه في حكومة الصيّد،  لكن نرى من الغريب والعجيب في آن واحد أن يتواصل منح الثقة في وزير الداخلية السيد ناجم الغرسلي وكاتب الدولة لدى وزير الداخلية رفيق الشلي رغم وقوع أخطر الاحداث الارهابية في تاريخ الجمهورية التونسية في عهديهما منذ اعتلائهما كرسي الوزارة الأخطر والأشدّ حساسية في تونس كما هو حال بقية دول العالم .
التاريخ سيثبت ويدوّن أن عهد " الغرسلي " شهد وقوع احداث باردو الإرهابية التي أوقعت 24 قتيلا من السياح الأجانب حيث استغل ارهابيان حالة التراخي الأمني للدخول الى متحف باردو وقتل السياح الاجانب بكل أريحية رغم وجود اشعار مسبق للغرض حول خطر داهم يحيط بقبة مجلس نواب الشعب، ولما كان الغرسلي يتحدث في وسائل الاعلام عن خططه الجديدة لمقاومة الارهاب وقع هجوم سوسة في " عزّ " الصيف ليعدم الموسم السياحي عبر استهداف فندق إمبريال مرحبا في المنطقة السياحية المشهورة مرسى القنطاوي وقد خلف الهجوم حوالي 40 قتيلا من بينهم 30 بريطانيا .
في عهد الغرسلي أيضا جدّت محاولة -وكانت من ألطاف الله فاشلة- لاغتيال النائب بمجلس نواب الشعب ورئيس النجم الساحلي رضا شرف الدين حين استهدفته أكثر من 30 رصاصة اخترقت الغياب الأمني الواضح في أغلب المدن الساحلية وتحديدا في مكان الجريمة " القلعة الصغرى "...
بعد كلّ هذا الاستعراض، انتقل الارهابيون لاستهداف المدنيين وكانت ضحيتهم الأولى راعي الأغنام نجيب القاسمي " 37 عاما " الذي قتلوه بالرصاص بعد أن اتهموه بالتعامل مع الأمن التونسي..وسط كل ذلك اختفى صوت وصورة الغرسلي، ثم ذبح الارهابيون راعي الأغنام مبروك السلطاني وأرسلوا رأسه الى عائلته مع طفل صغير، والأدهى أن العمليتين البشعتين تم تصويرهما من قبل الارهابيين لإركاع متساكني المناطق المتاخمة للجبال الذين يعانون من غياب تام للحماية من السلطات الأمنية، ومع ذلك فانهم تجشموا مشاق صعود سفوح المغيلة ومرتفعاتها للبحث عن الجثة قبل حلول وحدات الأمن.. .
في عهد الغرسلي وقعت ايضا عملية انتحارية داخل حافلة لأعوان الامن الرئاسي راح ضحيتها 12 من خيرة كفاءات الأمن الرئاسي..وهو استفزاز وتحد صارخ لوزارة الغرسلي بأن للارهابيين القدرة على استعراض عضلاتهم في أكثر المناطق أمنا وفق المفترض أن تكون .
ورغم تلك الحصيلة الكارثية جراء العمليات الارهابية، فإن اللافت للنظر أن أغلب الأحزاب السياسية بمن فيها المعارضة لم تنبس ببنت شفة للمطالبة بتغير وزير الداخلية ناجم الغرسلي خلافا لما كان الوضع عليه في حكومة " الترويكا " السابقة  التي ارتفعت فيها الدعوات لإقالة وزير الداخلية السابق علي العريض بمجرد اعتداء بعض الأمنيين " بالماتراك " على "مؤخرات" بعض المشاركين في مسيرة نظّمتها المعارضة يوم 9 أفريل 2012 وهو سبب أدنى بكثير من الحجج المنطقية التي تدفع اليوم الى ضرورة استقالة أو اقالة الغرسلي .
فهل سيتحمل الصيد مسؤوليته التاريخية ويجري تعديلا وزاريا جديدا على رأس وزارة هامة وحيوية ؟ وهل ستتحرك بقية الأحزاب في الائتلاف الحاكم أو المعارضة لإيجاد شخصية بديلة قادرة على النجاح في الوزارة أم أنهم جميعا سينتظرون حمام دم وتفجيرات واغتيالات اخرى ليقيلوا الغرسلي الذي ظهر ليّنا أكثر من اللزوم وحافظ كما يبدو على جبّته الحقوقية في منصب يتطلب الكثير من الحزم والجدية لايقاف نزيف الدماء الطاهرة رغم ايماننا العميق بنظافة ووطنية وزير الداخلية الحالي  ؟؟
لننتظر ما ستفرزه لعبتهم السياسية وحساباتهم ... على حساب المصلحة الوطنية.. لأن الوضع في تونس وبكلّ موضوعية بات مماثلا للقول الشهير " الأيادي المرتعشة .. لا تصنع التاريخ "

التعليقات

علِّق