هذه حقيقتهم : كيف مرّ هذا التصريح الخطير للرئيس الفرنسي في جربة ؟

هذه  حقيقتهم :  كيف مرّ هذا التصريح الخطير للرئيس الفرنسي  في   جربة  ؟

في تصريح " يفضح النوايا " ويكشف الكثير  من الحقائق التي لا يريد الكثير منّا أن يصدّقها قال  الرئيس الفرنسي  " إيمانويل ماكرون" إن الفرنكوفونية يجب أن تحمل مشروعا  لاستعادة مكانة اللغة الفرنسية.

ولاحظ ماكرون خلال لقاء جمعه يوم السبت  الماضي  في  جربة بعدد من الشبان  من " سفراء الفرنكوفونية  "  أن التحدي الحقيقي اليوم أمام الفرنكوفونية  هو تبنّي مشروع استعادة مكانة اللغة الفرنسية   وتعزيز استخدام هذه اللغة ولو بشكل غير أكاديمي  خاصة في القارة الإفريقية  حيث  تظل  هذه اللغة  الأكثر شيوعا.

وأشار رئيس الجمهورية الفرنسية إلى تراجع استخدام اللغة الفرنسية  رغم النمو الديمغرافي في إفريقيا  الذي ساهم بزيادة في حدود 7 بالمائة في عدد مستخدمي هذه اللغة  مشيرا في هذا السياق إلى تقهقر استخدام الشعوب المغاربية للغة الفرنسية  مقارنة بما كان عيه الوضع قبل 20 أو 30 سنة.

وأوصى  " ماكرون " في إطار تنفيذ مشروع " استعادة مكانة اللغة الفرنسية "  بالاهتمام بالتعليم والثقافة والرياضة  مؤكدا   ضرورة تعزيز شبكة تعليم الفرنسية عبر العالم على غرار ما هو معمول به  في تونس.

هذا التصريح يكشف مثلما قلت حقائق كثيرة  ظللنا نتجاهلها رغم خطورتها خاصة أنها تجد من يدافع عنها ( بمقابل ودون مقابل أي حبّا في أمّهم فرنسا ) هنا في تونس . ولعلّ من أهم هذه الحقائق :

- أن فرنسا بدأت منذ  عقدين أو أكثر من الزمن تلاحظ أن لغتها بدأت تتراجع في العالم مقابل تنامي استخدام اللغة الأنقليزية حتى في بعض المستعمرات الإفريقية.

- لقد قلنا سابقا وفي مناسبات عديدة إن فرنسا مستعدّة لدفع الغالي والنفيس من أجل  ألّا تندثر لغتها في العالم رغم أنها تدرك   أن تلك اللغة ليست مطلوبة في أغلب أنحاء العالم  لأنها لم تعد لغة علم وتكنولوجيا. ومن هنا يمكن أن نفسّر  تلك الظاهرة الغريبة التي تشهدها تونس خاصة منذ 2011 وهي انتشار المؤسسات التربويّة ( بمختلف درجاتها بما فيه رياض ومحاضن الأطفال ) التي تحمل أسماء فرنسية . وقد نبّهنا مرارا  إلى أن ذلك لم يكن ولا يمكن أن نصدّق أنه مجرّد صدفة  إذ نجد أحيانا صاحب مؤسسة تربوية يطلق على مؤسسته " مدرسة جون جاك روسّو " على سبيل المثال والحال أن لا علاقة له إطلاقا بأية شخصية فرنسية مهما كانت ... وهذا يفسّره أمر واحد وهو " يد "  فرنسا الخفية التي ساعدت ودفعت من  أجل إقامة هذا المشروع الذي لا يهمّ فرنسا منه سوى أن يبقى اسمها موجودا وأن يساهم في الحفاظ عل  اللغة الفرنسية في مستعمراتها السابقة... فقط لا غير.

- إن فرنسا تبحث بكافة السبل الممكنة ... العلنية منها والخفية على أن تنشر لغتها وثقافتها من منطلق " فكر استعماري " متعال لم يتغيّر ولن يتغيّر طالما أنها ما زالت تخاطب الشعوب الحرّة بلغة الأمر والنهي على غرار هذه " اللهجة " التي نستشفّها من تصريح الرئيس الفرنسي رغم أنه على أرض دولة حرّة لا تنتظر من يعطيها " الأوامر".

- إن على تونس ( دولة وشعبا ) أن تستفيق من غفوتها التي طالت أكثر من اللازم  وأن تأخذ الموقف الشجاع الذي يجعل بكل بساطة اللغة الأنقليزية  اللغة الأجنبية الأولى عوض الفرنسية التي يمكن أن تكون مادة اختيارية لا غير. فالعصر يفرض علينا هذا الاختيار خدمة لمصلحة أجيالنا القادمة وليس علينا مستقبلا أن نجامل فرنسا  في مسألة تهم مستقبل الأجيال.

- إن الرئيس الفرنسي لم يأت إلى جربة ليبدي استعداد فرنسا لمساعدة تونس على تجاوز أزمتها الاقتصادية . فقد كشف من خلال هذا التصريح نواياه الحقيقية وهي حرصه في المقام الأول على صيانة اللغة الفرنسية ... أما ما عدا ذلك فليس له أية أهميّة.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق