هجرة الأطباء التونسيين : أوروبا تفتح لهم أذرعها والسلطة التونسية تصمّ أذنيها عن مشاكلهم والخاسر الأكبر هو تونس

هجرة الأطباء التونسيين : أوروبا تفتح لهم أذرعها  والسلطة التونسية تصمّ أذنيها عن مشاكلهم والخاسر الأكبر هو تونس


بالرغم من أن الظاهرة ليست جديدة يجب الإعتراف بأنها أخذت  خلال السنوات الأخيرة نسقا تصاعديا مجنونا . فالأطباء  التونسيون " المدللون "  في أوروبا وخاصة في فرنسا وألمانيا  ما فتئوا يحزمون حقائبهم ويذهبون لإسعاد مرضى آخرين هناك خارج أرض الوطن . ويبدو أن هذه الهجرة الجماعية  لن تتوقّف في القريب المنظور بل من الواضح أنها تتفاقم عاما بعد  عام .
وقد أظهرت نتائج  المناظرة الفرنسية السنوية  للمعادلة التي تقوم بها فرنسا للسماح للأطباء الأجانب بممارسة المهنة  أن ثلث المقبولين وعددهم 450 طبيبا في  مختلف الاختصاصات  للأسف الشديد تونسيون .
وفي الوقت الذي يتعرّض فيه أطباؤنا إلى ما لا نهاية له من المشاكل في ظل وضع صحّي خانق نجد أن دولا أخرى تمنح لهم ظروفا وامتيازات أفضل وتسهّل عملية استقبالهم  بشكل  يجعلهم لا يترددون في الهجرة .
وأمام هذا " الهروب " للأدمغة التونسية ما انفكّ الأطباء التونسيون على غرار الدكتور معز بن سالم ( طبيب أمراض جلدية بتونس ) يطلقون صيحات الفزع  إلا أن آذان السلطة في تونس ما فتئت تصبح أكثر صمما عاما بعد عام .
أما النتيجة فهي واحدة وواضحة : أطباء شبان مختصون تم تعليمهم وتكوينهم على  نفقات المجموعة الوطنية  يفضّلون الهجرة على  البقاء . ويمثّل هذا خسارة كبرى وإهدارا للمجهود والوقت والمال سواء في قطاع الصحة العام أو القطاع الخاص .
ولعلّ المؤسف أكثر في هذه الهجرة أن فرنسا التي تشكو ندرة الكفاءات الطبية اغتنمت الفرصة من أجل أن تستوعب أكثر فأكثر أطباءنا  لكن بأية طريقة ؟.
فقد سنّت فرنسا قوانين نشرت بصفة رسمية ومنها الأمر عدد 1601 لسنة 2017  الذي يسمح للأطباء   والصيدلانيين الأجانب بممارسة المهنة  مؤقتا وكذلك بالنسبة إلى الأطباء  وجرّاجي الأسنان   الحاصلين على شهائد من بلدانهم الأصلية . وهذا الأمر الذي دخل حيّز التطبيق غداة نشره مباشرة يحثّ  طلبة الطب والأطباء والصيدلانيين على التحول إلى فرنسا لمتابعة تكوين تكميلي في الاختصاص  ويضبط  إجراءات منح التراخيص  التي تمتدّ مؤقتا على  عامين قابلتين للتجديد . وهي إجراءات ميسّرة  بطريقة لا شكّ بعدها في النية  في تسهيل الاجراءات أمام الأطباء والصيدلانيين الأجانب  من أجل استقطابهم   أكثر فأكثر وهم الذين كان يفرض عليهم سابقا  الخضوع إلى مناظرة  سنوية لمعادلة الشهائد  قبل السماح لهم بالممارسة .

التعليقات

علِّق