نوّاب في ثوب مهرّجين تجاوزوا كلّ الأعراف : برلمان هذا أم مبغى؟
بقلم شكري الشيحي
في أول جلسة برلمانية خصّصت يوم أمس الثلاثاء 3 ديسمبر 2019 للتصويت على قانون المالية التكميلي لسنة 2019 ، دوّن عديد النواب بالبرلمان الجديد أسماءهم بأحرف سوداء في سجلّات الفشل بعد أن نفثوا سمومهم في أرجاء المجلس عبر مداخلاتهم الرديئة والبذيئة لتجتاح البيوت التونسية عنوة وحتى خارج أسوار الوطن في تصدير رديء للعلامة التونسية من نواب اختارهم الشعب فردوا جميله بسقوط مدوّ ليس بعده مثيل.. .
أغلب النواب يوم أمس لم يحترموا حالة الحزن التي عمّت في البلاد على اثر كارثة الحافلة الترفيهية بعين السنوسي والتي أودت بحياة عشرات الشبان في عمر الزهور ، ولم يراع هؤلاء القلق الذي ينتاب عائلات الجرحى من مصير فلذات أكبادهم الذين يصارعون الموت بسبب اصاباتهم الخطيرة في الحادث المذكور ، كما لم يحترم النواب مصير 200 راكب كانوا عالقين لأكثر من 11 ساعة في عرض البحر بعد عجز " لود تونس " عن الوصول لميناء صفاقس بسبب الضباب الكثيف .
كل تلك الأحداث الطارئة والعاجلة كانت "رخيصة" ولا تعني شيئا أمام أنانية النواب الذين بحثوا عن الأضواء والشهرة ولو على حساب آلام وهموم الشعب التونسي الذي انتخبهم وأوصلهم للبرلمان لحمل أوجاعهم لا لغايات أخرى..وجسّدوا التغوّل في أسوأ تجلياته .
يوم أمس الثلاثاء كان نسخة من " الأحد الأسود "... صراخ وشتائم وكلام وقح وبذيء وعبارات نابية تغزوا البرلمان بشكل غير مسبوق في مكان يفترض أن يظلّ مقدسا بجمعه لصفوة القوم ممن انتخبهم الملايين..الا أنهم كانوا أسوأ ممثلين له ومكرّسين لمنطق الجشع والأنانية .. ولو أننا نستثني المحترمين من النواب .
البداية كانت بالنائبة عبير موسي والتي صارت "ابراهيم القصاص " الجديد بالمجلس الحالي في ظلّ تطابق سمة التهريج لديهما.. كانت وفيّة لوقاحتها وبذاءتها واستفزازها لزملائها النواب من خلال ترديدها نفس العبارات والاتهامات لنواب النهضة ونعتهم " بالخوانجية " والدواعش " والارهاب في تكرار مبتذل لاسطوانة مشروخة كانت بمثابة "رأس المال" لها للافلات من العقاب بعد ماضيها الفظيع مع عصابات التجمّع..وكأنها لم تأت للبرلمان سوى لتصفية حساباتها واثارة الفلكلور والفوضى وآخر اهتماماتها مشاكل الشعب التونسي ...
بدورها انضمت النائبة عن حركة النهضة جميلة الكسيكسي لسرب النواب التافهين وأمعنت "الجميلة" في القبح والنشاز بعد تخصيصها مداخلة للرد على نواب حزب الدستوري الحر ووصفهم " بالكلوشارات ".
الكسيكسي نزلت في مداخلتها الى الدرك الأسفل من الرداءة واستعملت مصطلحات لا تقل وقاحة عن ألفاظ عبير موسي حيث قالت : " ثمة ناس كلوشارات يمارسو في البلطجة .. ما يعرفوش الحرية ..الديمقراطية خنقتوهم.. تعودو على برلمان بصوت واحد ولون واحد.. بلوة مصيبة جات للبرلمان .. اصوات النشاز على الديمقرطية وعلى مسار الثورة مانحبوش نسمعهوهم'
وتابعت وسط تصاعد منسوب الاحتقان ووقوف نواب الدستوري الحر ' القضية سياسية بامتياز … تريد ( عبير موسي) تعطل مسار الثورة.. هذا معروف ..صرحت به في عديد المرات ..حاجة معروفة .. اجور الموظفين تصبح محل جدل هذوم عباد ايهمهم قوت الناس ؟.
ما حدث يوم أمس من فوضى و"تهريج " واستعراض للعضلات دفع رئاسة مجلس نواب الشعب الى اصدار بيان اعتذار للتونسيين ، لكن الاعتذار غير كاف وجاء بعد آجاله المفترضة بعد أن عجز رئيس الجلسة عن فرض سلطانه وتكريس الاحترام.. حيث يرى السواد الاعظم من الشعب التونسي ان هذا البرلمان يعتبر الأسوأ في تاريخ تونس ولا بد من منع بث مداولات النواب واراحة التونسيين من وجوههم و "سمومهم " وتصريحاتهم التي تهدد السلم الاجتماعي في تونس وتزيد في الاحتقان وتقسيم التونسيين واثارة النعرات والجهويات ..
ما حصل من انفلات تحت قبة البرلمان يدفعنا قسرا الى الاستعارة من مظفر النواب حين قال بجرأته المعهودة : " هذا وطن أم مبغى"..وفعلا فان التساؤل ينسحب أيضا على ما حصل تحت قبة مبنى باردو وبات يؤسس لتجاوزات غير مسبوقة في هيكل يفترض أن تكون سمته الأبرز الاحترام الا أنه يؤشر لفلكلور بلا نهاية من منتصبين للثراء الفاحش والنفوذ والبريستيج للحساب الخاص..ولا عزاء للشعب والوطن غير السلوى والصبر الى حين تكرار نفس السقطات في الانتخابات القادمة..
التعليقات
علِّق