نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك : أغلبها كذبة كبرى تنطلي على الحكومة وعلى المستهلك ؟؟؟

نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك : أغلبها كذبة كبرى تنطلي على الحكومة وعلى المستهلك ؟؟؟

في ظل الغلاء الفاحش للأسعار خاصة في شهر رمضان الذي يحلو فيه الغشّ والرفع المتعمّد للأسعار من قبل العديد من التجار بات المواطنون يستبشرون كلّما علموا بأنه تم فتح  نقطة بيع جديدة من المنتج إلى المستهلك عسى أن يجدوا في هذه النقاط سلع أكثر جودة وأقلّ أسعارا ... لكن ماذا يجري في واقع الأمر؟.

نحن نعرف منذ زمن بعيد أن نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك كانت في بداياتها فكرة جيّدة استطاعت الدولة من خلالها أن تكبح جماح الأسعار خاصة في شهر رمضان ولو بصفة نسبيّة. وهي تجربة تعود إلى ثمانينات القرن الماضي . لكنّنا نعرف أيضا أنه سرعان من تمّ إما تخريبها كي لا تواصل عملها وإما الاستيلاء عليها من قبل " القشّارة " وتجار الخضر والغلال والأسماك العاديين الذي لا علاقة لهم بالإنتاج لا من بعيد ولا من قريب... إما في غفلة من السلطة وإما بتواطؤ السلطة  التي تعلم من هم هؤلاء تحديدا ومع ذلك تسلّمهم أماكن للانتصاب في هذه الفضاءات بدعوى أنهم منتجون.

* نفس الأسعار ونفس الوجوه

وبالرغم من أننا مقتنعون بأن هذه النقاط مجرّد فلكلور ومغالطة تنطلي على الحكومة التي لا تراقب مسؤوليها في الولايات والمعتمديات مثلما يجب ... وتنطلي أيضا على المواطن المسكين الذي تهزّه الدعاية غصبا عنه فيجد نفسه في هذه الأماكن ليكتشف في النهاية أنه ضحيّة النصب والاحتيال " بالقانون " فقد قررنا أن نقوم بزيارة  إلى إحدى هذه النقاط وتقع بالمروج ( بين الخامس والسادس ) لنتحقّق ممّا يجري هناك حتى لا يقال إننا نبالغ وإن ما نكتبه قيل لنا أو ربّما غالطونا.

في البداية هي مساحة ليست كبيرة بل متوسّطة جدّا سرعان ما تمتلئ بالعباد فيصبح المرور بداخلها أمرا صعبا جدّا.

ثانيا : لقد لاحظنا أن الوجوه التي تبيع الخضر والغلال وجوه مألوفة إذ نعرف أغلبها في الأسواق اليومية العادية ... وهذا يعني بكل بساطة أنه لا منتج ولا مستهلك ولا هم يحزنون.

ثالثا : إن الأسعار الموجودة هنا في هذا الفضاء لا تكاد تختلف في شيء عن تلك الأسعار الموجودة خارج هذه النقطة وهذا بعض منها على سبيل المثال لا غير:

* التمر ( وهو نوع متوسّط جدّا ) : 7500 مليم للكلغ الواحد ... ويدّعي بائعه بأنه  أتى به من " دقاش " والحال أن لهجته تقول إنه من أحد الأحياء الشعبية القريبة من المروج.

* الطماطم : 2200 مليم وهي مثلما ترون خضراء اللون في أغلبها ويوجد خارج النقطة ما هو أحسن منها جودة وبنفس السعر.

* البطاطا : 1500 مليم بالرغم من أنها تشبه كل شيء إلا البطاطا ... فهي تشبه منتجات مقاطع الحجارة ... ومثلها يباه بدينار واحدة خارج نقطة البيع.

* البيض : 1450 مليما للأربع بيضات. فما معنى هذا ؟. هل من أجل 30 مليما يمكن للمواطن أن يشتري من هذه النقطة ؟؟؟ ( علما بأن البيض مسعّر منذ اليوم الأول من رمضان :1480 مليما ).

* السلق والمعدنوس : 500 مليم لكلّ منهما وهو نفس السعر الموجود خارج نقطة البيع.

* البسباس : بين دينار و 1400 مليم : وهي نفس الأسعار الموجودة خارج النقطة.

* الدجاج ( المجمّد ) : 8580 مليما مع العلم أن السعر خارج النقطة هو 9000 للدجاج الذي يتم ذبحه كل يوم.

* اللحوم : حسب هذه الأسعار ( أنظر الصورة ) فإن الأمور تبدو معقولة ومغرية مقارنة بالأسعار الملتهبة التي نعرفها جميعا لدى كافة الجزارين . لكن تبقى إشكالية وحيدة تتعلّق بنوعية هذه اللحوم وجودتها. فقد أفادنا أحد الخبراء ( وقد كان يعمل  بمسلخ شركة اللحوم لمدة تفوق 30 عامل ) بأن هذه اللحوم المعروضة بهذه الأسعار ليست سوى لحوم أبقار " شارفة " و " بركوس شارف " ولحوم نعاج ... ولكم سديد النظر مثلما قال.

* الأسماك : وما أدراك ما الأسماك... فقد كانت أسعارها ملتهبة ( السردينة 7800 مليم ولن نحكي عن أنواع أخرى عانقت أنواعها عنان السماء)... أما أطرف ما في الحكاية فهو أني تركت أحد باعة السمك المعروفين جدّا ( معروفين من الناحية السلبية طبعا )  قبل يوم من شهر رمضان في مكان ما قريبا من الحي الذي أسكنه فإذا بي أجده منتصب القامة يمشي ..مرفوع الهامة يبيع ويصول ويجول في ركن منحته  السلطة له لأنها مثلما قلت في البداية تعرف أنه مسكين يتعب يوميّا ويشقى على " الفلوكة " من أجل جمع يضع سمكات ليبيعها فيطعم أفواه العيال...

- خلاصة الحكاية :

إن نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك ليست في النهاية سوى كذبه كبرى تحاول بعض الأطراف أن تقنع الناس بأنه أرفق وأقلّ أسعارا وتوفر بها سلع لا تتوفر ربّما في أماكن أخرى. وهنا أتحدّى السلطة التي منحت تراخيص لهؤلاء الباعة للانتصاب في هذه النقطة بالذات أن يأتوني بشخص واحد يثبت أنه فلّاح ... أي منتج حقيقي  يبيع منتجاته مباشرة إلى المستهلك. وبما أني أعرف أن السلطة ( المحلية والجهوية ) ستعجز أمام هذا التحدّي فإني أسأل : ما الغاية من فتح نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك إذا كان " القشارة " هم الذي يصولون فيها ويجولون... مع العلم بأنني  أحكي عن نقاط البيع التي توجد في ولايات تونس الكبرى ...لأن في الولايات الأخرى ربّما  تكون هذه النقاط حقيقة ... وليست كذبة كبرى مثل هذه التي رويت لكم عنها.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق