ناجي ناجح فنان وممثل تونسي قدير مثقف ومحبوب صاحب تاريخ فني مهم عرفه الجمهور التونسي من خلال أدواره في مسلسل "مكتوب" وهو مقيم في لندن منذ 23 سنة لكنه يعيش فكرا وقلبا في تونس فهو ملم بهموم ومشاغل الفنان والمواطن التونسي ومهتم بالوضع السياسي الراهن في تونس  التقيناه فكان هذا الحوار معه .
1/ تم تكريمك مؤخرا في حفل افتتاح الدورة الأخيرة من أيام قرطاج المسرحية بعد مسيرة هامة من العطاء للمسرح والفن ؟
لفتتة هامة أسعدتني كثيرا" أنهم فكرو فيا توه ميهمش أنهم فكرو فيا توه ولا قبل  "
المهم أنني كرمت أشكر كثيرا وزارة الثقافة وادارة أيام قرطاج المسرحية كما يقول المثل التونسي
" وكري وكري ولو عود يابس"أشكرهم كثيرا على التكريم أشكر كل الذين اقترحوا تكريمي . :
2/ بعد حوالي تسعة أو عشرة سنوات من ظهورك كشخصية رئيسية في مسلسل" مكتوب" لم نشاهدك في أعمال جديدة  ما سبب هذا الغياب الطويل على الدراما التونسية لماذا لم نشاهدك في أعمال جديدة ؟
اخر عمل مثلت فيه هو" أولاد مفيدة 3" سامي الفهري هو المنتج وصاحب القناة الوحيد الذي اتصل بي وعرض علي العمل معه منذ هجرتي الى بريطانيا سنة 1996. عرض علي سامي الفهري سنة 2009و 2010 التمثيل في "مكتوب 3 و4" وبعد ذلك أديت دور الصادق بن محمود في أولاد مفيدة 3 لكنه لم يعاود الاتصال بي مرة أخرى .
بالنسبة لبقية المخرجين لم يتصل بي أحد ولا أريد أن أعرف الأسباب و دائما تشرفني المشاركة في الأعمال الدرامية التونسية وخاصة في الموسم الرمضاني" أتا دائما مستعد ويفرحني برشة أن أكون في الأعمال الدرامية التونسية لكن هما ما عيطوليش ما نعرفش كيفاش نجاوب ربما السؤال يوجه للمخرجين والمنتجين التوانسة "
3/ ماهو تقييمك للساحة الفنية التونسية حاليا خصوصا مع ظهور عديد الوجوه الجديدة كعارضات الأزياء ووجوه جميلة يفتقرن الى التكوين والثقافة الفنية ؟
الاختيار هذا هو مسؤولية المنتج والمخرج يعني أنه يختار وجوه جديدة تفتقر للتكوين المسرحي وليس لديهم أي موهبة فنية. أظن أن الميزانية هي التي تحدد هذا التوجه وتتحكم في انتاج العمل ربما لو يشتغل مع انسان عندو "لوكينغ" بامكانه أن يدفع له أجر أقل من ممثل محترف أو ممثلة متخرجة من المعهد العالي للفنون المسرحية. هذا الاختيار تفرضه ميزانية العمل ويساعد المنتج على التخفيض في أجرة الممثلة الجديدة الهاوية التي غالبا ما تجهل حقوقها ما لها وما عليها في هذا الميدان .
هذا الاختيار لا يستطيع التدخل فيه الممثل المحترف لأن "الفنانين يفتقدون لنقابة مهن فنية قوية وهيكل نقابي يحارب من أجل الدفاع على حقوقهم وعملهم و يحمي تواجدهم على الساحة الفنية ".
4/ في أوروبا وتحديدا في بريطانيا أين تقيم منذ سنوات طويلة هل تلقيت عروض فنية ؟
أنا مقيم في لندن منذ 23 سنة ومن شروط التمثيل في بريطانيا أن يتوفر لديك وكيل قائم بأعمالك لكي تمارس مهنتك يقدمك هذا الوكيل لمكاتب كاستينغ وفي الاثناء يتواجد المخرج أو مدير الكاستينغ ويعرض عليك دورا فالأمر معقدا نوعا ما.
أنا قمت ب 3 مسرحيات الانتاج الأول كان مع " رويال  أكسيس تيتر"  في مانشيستر قمت بأداء دور شخصية عربية غريبة الملامح .
عمل ثاني انتاج" نو كاسل" شخصية  لشركة المسرح في ليفربول .أديت شخصية عبد الحميد صالح وهي شخصية يمنية معروفة وهو مؤسس نقابة التجارالمهاجرين اليمنيين في بداية القرن 20 سنة 1927/1928
العمل الثالث قدمته للسينما هو فيلم" ديسكوفرنغ ال اجيبت" وهو سيناريو مصري لدور عربي .أديت فيه دور السارد وكان التصوير في مدينة الأقصرالأثرية بمصرلمدة 7 أو 8 سنوات.اشتركت في العمل مع ممثل بريطاني وأحببت العمل والتجربة كثيرا حيث كان هناك ساردان أنا صاحب سيناريو مصري معرب اشتغلت على لغته لتحويله الى اللغة العربية الفصحى وممثل بريطاني بالانقليزية.
كما قمت بعمل سينمائي اخر هو "كومباني لاصت"واشتركت في عمل تلفزي بريطاني.
"حاليا أنا متقاعد أحاول الكتابة والتواجد في أعمال فنية في أي بلد عربي" والمشاركة في أيام قرطاج المسرحية تعد فرصة للتعرف على مخرجين ومنتجين من دول أخرى و"أصارحك بأنه هناك حديث مع الصديق الممثل والمخرج العراقي عبد العزيز خيون حول عمل عراقي ضخم."                                                                              
4/اذا جاءت عروض فنية  في مصر ولبنان أو الخليج العربي فهل ستقبل بها ؟
نعم في حالة تعرض علي أعمال فنية سواء كانت دراما او سينما أو مسرح في العالم العربي من الطبيعي أن أشارك فيها. أذهب تماما مثل نجوم أوروبا الذين يجولون العالم لكن من النادر أن تجد ممثل تونسي مغربي أو جزائري يتنقل بين الدول العربية ويعمل في مصرأو لبنان الا بصفة استثنائية هناك أسماء نجومية كبيرة اشتهرت وأخذت حظها وهم قلة على غرار هند صبري وظافر العابدين وهم استثناء والعكس صحيح بحيث لا نجد أبدا الممثل الشرقي يعمل في المغرب العربي  للأسف هذا ما ينقص الدول العربية والسلط الثقافية الموجودة في العالم العربي.
5/هل ترى أن هذا بسبب غياب رغبة صناع الانتاج الدرامي أو قرار سياسي بعدم فتح الحدود الثفاقية العربية ؟
أستطيع أن أقول لك أنه قرار سياسي بالأساس أن  يكون هناك مشروع ثقافي ضخم يلمس الدول العربية. بامكان الحل أن يكون لدى الألكسو "المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم" وذلك بالتنسيق والتعاون الثقافي الدولي مع وزرارت الثقافة العربية لكنني للأسف سمعت هذا الكلام طوال مدة 30 سنة في أغلب المهرجانات الفنية خصوصا في أيام قرطاج المسرحية كان دائما يدور حديث حول هذا الموضوع بالتحديد "الانتاج العربي المشترك والتعاون الفني وتشريك الممثل والفنان العربي". هناك تجربة ناجحة قام بها المسرحي المغربي الراحل الطيب الصديقي رحمه الله عمل مسرحي عربي ضخم تم تصويره وانتاجه في لبنان منذ أكثر من 30 سنة مضت وقامت بتمويله كل من العراق وسوريا واشترك فيه ممثلين وفنانين لبنانيين ومصريين وسوريين وعراقيين من بينهم الفنانة اللبنانية القديرة نضال الأشقر لكن للأسف لم يكن فيه تونسيين .
أتمنى أن يتواجد الانتاج الذي يجمع ممثلين من مصروتونس ولبنان والجزائر والمغرب من أغلب الاقطار العربية لكن يصعب تحقيق هذا الحلم الجميل في الواقع .
6/حللت ضيفا في عدة برامج تلفزية بعد الثورة ولاحظنا تدخلاتك المهمة التي تحمل مواقف سياسية فماهو رأيك في الوضع السياسي الراهن في تونس ؟
نمر بظرف صعب للغاية في تونس منذ 2011 الشىء الوحيد الذي أعبر به عن هذا الظرف هو شعوري بالحزن الكبير على حال وطني نظرا للسياسات الاقتصادية المتبعة الفاشلة ومواقف السياسيين التي لم تتغير منذ 2011. والوضع الذي يقودنا نحو الأسوأ رغم أنه لم يكن على أحسن حال قبل الثورة حيث كانت هناك أزمات وصعوبات كثيرة لكن بالمقارنة مما يحدث الان يمكننا القول بأن ذلك الزمن كان أفضل مما نحن عليه اليوم. ودليلي في ذلك أنه" أي تونسي تحكي معاه الان يقولك الوضع كان أحسن " أعبرعن تونس بصفتي انسان وطني يحب بلاده وفنان مثقف لديه علاقة قوية بوطنه.
نحن نذهب الى المجهول. هناك بطالة وفقر وأزمة اقتصادية خانقة. المواطن التونسي تعبان في حياته و ليس هناك أي مؤشر ايجابي للتغيير.أزور تونس في العام 3 أو 4 مرات "نحس اللي فما الام كبيرة يمر بها التونسي نتيجة الوضع السياسي الحالي الصعب ".

7/ماهو رأيك في وضعية الفنان التونسي اليوم ؟
الفنان التونسي مازال يعاني نفس الهم يعيش وضع هش. أنا متغرب منذ 23 سنة والوضع لم يتغير كثيرا خاصة من الناحية المادية ومن ناحية الانتاجات الفنية. الوضع متردي خاصة على المستوى المادي ليس له أي ضمانات لا يوجد ضمان اجتماعي أو قانون يحمي الفنان الذي وصل الى سن التقاعد أو في حالة المرض لكنني أبقى على أمل بأن وضعية المبدع والمثقف ستتحسن يوما ما وذلك يبقى رهين القرار السياسي الذي يتحكم في السياسات الثقافية في بلادنا. القضية رهينة قرار سياسي ودولي لأن الدولة هي من تقرر المصير الثقافي للشعوب ومتى تنتج حياة ثقافية وفي بعض الأحيان نحمل الوزيرعبئا كبيرا يفوق طاقته .
8/ في كلمتك الختامية ماذا تقول لمحبيك وبماذا تعد جمهورك الكبير في تونس ؟
أوجه تحية محبة وتقدير لجمهوري العزيز في كل مكان و" أعتذر لمحبيني عن عدم ظهوري في أعمال درامية أخرى وأقول لهم هذا ليس بذنببي أو بخطئي.أحمل المنتجين وصناع الانتاج الدرامي في تونس مسؤولية ذلك ".
ان شاء الله هناك مشروع مسرحي هام بامكاني التواجد فيه للصديق الروائي المبدع ورجل المسرح الدكتورعبد الحليم المسعودي الذي كتب نصا مسرحيا تحت عنوان "الرهوة" يدور موضوعه حول الوضع العام في تونس في العشرين سنة الأخيرة. قرأته وأحببت النص فالعمل مكتوب بطريقة جيدة ولغة جميلة ومنمقة وهذا ليس بغريب عن الأستاذ المسعودي الذي يمثل احدى فرسان اللغة العربية ومن المحتمل أن يتم انتاجه في هذه السنة أوفي السنة القادمة هذا المقترح الجاد الوحيد الذي تلقيته في أيام قرطاج المسرحية.

يسر العوني