مهنيّو السياحة في توزر وقبلّي : قطاعنا يحتضر وحوالي 6000 موطن شغل مهددة بالزوال

مهنيّو السياحة في توزر وقبلّي : قطاعنا يحتضر وحوالي 6000 موطن شغل مهددة بالزوال

يعيش قطاع السياحة عموما في تونس أزمة غير مسبوقة منذ مدة وخاصة منذ أن عرفت بلادنا انتشار فيروس كورونا وما تبع ذلك من قرارات وإجراءات زادت الطين بلّة وأدخلت القطاع في دوامة أخرى لم تكن في الحسبان.

ولعلّ السياحة الداخلية هي التي كان لها نصيب الأسد من الأضرار الحاصلة في القطاع. ويتجسّد ذلك من خلال ركود رهيب شمل  منطقتي توزر وقبلّي بصفة خاصة وكان له تداعيات كبيرة على العاملين في القطاع وعلى المتعاملين معهم من وكالات أسفار والمنتسبين إلى مهن الصناعات التقليدية وغيرها من المهن الأخرى التي تتحرّك إذا تحركت السياحة و" تموت " إذا تجمّد النشاط السياحي.

وفي هذا الإطار أفادنا السيد عادل الذويبي عضو الجامعة الجهوية للسياحة بتوزر المنضوية تحت لواء الجامعة التونسية للنزل بأن الوضع لم يعد ينذر بالخطر فحسب وإنما ينذر بما هو أسوأ بكثير.

حتّى " المؤقّت " لم يعد متاحا

يقول السيد عادل الذويبي : " السياحة الصحراوية عموما ومنذ عقود هي سياحة موسميّة وقتيّة وليست كبقيّة المناطق التي كانت تنشط  عادة في أغلب فترات العام . وحتّى تلك الفترة المؤقتة من كل سنة كانت تحرّك دواليب عديدة مرتبطة بالحركة السياحية  كانت إلى حدّ ما مقبولة وتمكّن المهنيين من تحقيق بعض المعادلات المرتبطة بالتزاماتهم المختلفة . وبعد الثورة وحتى قبل ظهور فيروس كورونا  سجّلنا حوالي 50 بالمائة من الوحدات السياحية التي أغلقت أبوابها. ومع حلول هذا الوافد الغريب ( كورونا ) وصلت النسبة اليوم إلى حوالي 98 بالمائة من الوحدات التي أغلقت بصفة كاملة  وهاهي منذ ديسمبر 2019 لا حراك فيها ولا أي نوع من النشاط وأنا هنا أعي جيّدا ما أقول. وحتى النسبة القليلة التي بقيت تقاوم ( حوالي 2 بالمائة ) فهي لا تعمل إلا بنسبة ضئيلة جدّا.".

" العدوى " شملت الجميع دون استثناء

وأضاف السيد عادل : " عندما نتحدث عن السياحة فلا نعني فقط الوحدات السياحية التي تعتبر عنصرا رئيسيّا في هذا القطاع . فهناك أيضا وكالات الأسفار وقطاع الصناعات التقليدية وعدّة قطاعات أخرى لها ارتباط مباشر أو غير مباشر بالقطاع السياحي . اليوم نجد أن قطاعنا أصابه عطب كبير فتعطّلت القاطرة تماما . وبالتالي فإن بقيّة المكونات أصابها ما أصابنا وتعطّلت أنشطتها بصفة قد تفوق نسبة 98 بالمائة سواء في توزر أو في قبلّي وكذلك في مناطق أخرى من الجنوب التونسي البعيد عن الشريط الساحلي . وإذا كانت مناطق البلاد الأخرى ( الساحلية بالخصوص ) تسمح فيها الظروف والطبيعة للعاملين الشباب في هذه القطاعات بالهروب إلى مهن أخرى تضمن لهم الحدّ الأدنى من ضرورات الرزق حتى بصفة مؤقتة في انتظار أن يعود الوضع إلى ما كان عليه قبل سنوات فإن شباب مناطق الجنوب الداخلية ليس له مهرب وليس له ما يمكن أن يضمن به لقمة العيش أصلا . فالصيف على سبيل المثال يحرّك السياحة والأسفار والصناعات التقليدية في الجهات الأخرى . أما عندنا في الجنوب فهو لا يحرّك شيئا بل بالعكس يكاد يقتل كل شيء نظرا إلى الظروف المناخية المعروفة. ولعلّ أكبر دليل على أن كل شيء مصاب بالشلل في الوقت الحالي أن الركود ضرب في كافة الاتجاهات بما في ذلك المندوبية الجهوية للسياحة التي تكاد تكون مغلقة في غالب الأحيان بسبب انعدام النشاط.

 

6000 موطن شغل مهددة وهذا ما نطالب بع عاجلا

وختم السيد عادل حديثه معنا قائلا : " نحن هنا لا نعبّر عن أنفسنا ومطالبنا بالتحركات الاحتجاجية وغلق الطرقات وغلق أشياء أخرى بالرغم من أن قطاعنا يضمّ حوالي 6000 موطن شغل مباشر باتت اليوم في عداد " المفقودين " دون اعتبار آلاف أخرى من مواطن  الشغل غير المباشرة المرتبطة بحركة القطاع. وفي انتظار أن تتغيّر الأحوال فإننا نطالب الحكومة بأن تخصص فورا مساعدات مادية مباشرة للعاملين في القطاع  ( 200 د على الأقل في الشهر ) لعلّها تخفف عليهم وعلى عائلاتهم أعباء البطالة ومصاريف الحياة اليومية . أما بالنسبة لنا نحن المهنيين فهناك مفاوضات مع اتحاد الشغل ومع الحكومة ومع البنوك من أجل أن نتوصّل إلى حلول جذرية لمشاكلنا تكون في إطار المبلغ الذي سمعنا أن الحكومة سترصده لمساعدة قطاع السياحة عموما ( 500 مليار على ما يبدو )  على تجاوز المحنة والصعوبات الجمّة ونرجو أن نكون جزءا منه لأننا جزء فعلي وموجود في القطاع السياحي في تونس . إن وضعنا اليوم مخيف وصعب ولا تكاد الكلمات تصف حقيقة ما يجري فيه . فقط ألخّصه من خلال جملة مفيدة تحمل كل شيء فأقول: إذا كان الوضع في المناطق الساحلية صعب وخانق فإنه في المناطق الداخلية ( هنا في توزر وقبلّي بالخصوص ) خانق وقاتل ويوحي بقرب الكارثة لا قدّر الله . ".

 

التعليقات

علِّق