مهازل لا تحصل إلا في تونس : وزارة الصحة تكلّف سائقا بإيصال مراسلة التلاقيح إلى وزارة الداخلية فيحملها إلى وزارة الخارجية ؟؟؟

مهازل لا تحصل إلا في تونس : وزارة الصحة  تكلّف سائقا بإيصال مراسلة  التلاقيح إلى وزارة الداخلية فيحملها إلى وزارة الخارجية ؟؟؟

ما زالت المراسلة التي قيل إنها من وزارة الصحة وموجّهة إلى وزارة الداخلية بخصوص " طلب تأمين 29 مركز تلقيح من قبل قوات الأمن يومي 20 و 21 جويلية الجاري " تثير جدلا واسعا وتعليقات أوسع . وفي هذا الإطار نشرنا هذا الصباح خبرا يفيد بأن منظمة " أنا يقظ "  قامت برفع شكوى ضدّ رئيس الحكومة بدعوى أنه كان على علم بكل شيء لكنّه رفض تأمين مراكز التلقيح حسب المنظمة  طبعا.

ويبدو أن الحكاية مغايرة لما تم تداوله وقد نجد لها مكانا بين  " الطرائف " أو لنقل بين المهازل التي تدلّ مرة أخرى على أن أمورا كثيرة في هذه البلاد في حاجة إلى مراجعة جذرية. فالمراسلة المذكورة تحمل بالفعل تاريخ 19 جويلية أي يوما واحدا قبل انطلاق عمليات التلقيح التي تقرر إنجازها يوم العيد واليوم الموالي للعيد.

ومن غرائب الدهر أن هذه " المراسلة السريّة " التي كان عليها أن تذهب مباشرة إلى وزارة الداخلية إما بالبريد الالكتروني أو بالفاكس أو بالبريد العادي بشرط الحصول على ختم من المرسل إليه يفيد بوصول " الأمانة " تم إرسالها إلى وزارة الشؤون الخارجية عوضا عن وزارة الداخلية مثلما يؤكّده هذا الظرف الخارجي الذي نشرت صورته بعدة وسائل إعلامية تحرّت في الموضوع وخلصت إلى هذه النتائج.

ونتيجة لهذا " الخطأ " البدائي الجسيم الذي لا يمكن أن يقترفه تلميذ في السنة الأولى من التعليم الابتدائي ضاع وقت طويل قبل أن تتفطّن وزارة الخارجية إلى وصول مراسلة لا تعنيها وقبل أن تعلم وزارة الصحة بالأمر ليقع تصحيح الوضع.

وليت الأمر توقّف عند هذا الحد . فقد تم توجيه المراسلة  إلى وزارة الداخلية يوم 19 جويلية عن طريق سائق من وزارة الصحة ربّما لم يكن يعلم بأن مثل هذه المراسلات  المهمّة يجب أن يوثّق بمكتب الضبط بوزارة الداخلية ( أو أي مكتب بأيّة وزارة أخرى عموما ) وأن عليه ( أي السائق ) أن يعود بنسخة من المراسلة ممضاة من قبل من تسلّمها أو محتومة من  قبل مكتب الضبط حتى يكون ذلك حجّة قانونية على أنها وصلت بالفعل إلى المعني بالأمر. وعوض أن يسلّمها إلى مكتب الضبط ( حتى لو كان الوقت ليس توقيتا إداريا في ذلك المساء )  فقد قام السائق بتسليم المراسلة إلى عون أمن كان مرابطا في إطار عمله أمام الباب الرئيسي للوزارة المطل مثلما نعلم على شارع الحبيب بورقيبة.

وبالرغم من الصبغة العاجلة للمراسلة مثلما يتبيّن على الظرف الخارجي فقد بقيت في حوزة عون الأمن إلى حدود اليوم الموالي أي يوم العيد . وتقول رواية أخرى إن العون ترك المراسلة بأحد المكاتب عندما حان وقت انصرافه وذهب إلى حال سبيله لا يدري حقيقة ما تخفي هذه المراسلة وما ستتسبب فيه من مشاكل باتت اليوم معروفة لدى الجميع.

هذه الرواية هي في الحقيقة نتيجة أبحاث وتقصّ قام بها زملاء في موقع " بيزنس نيوز " وأكّدوا أن مصدرهم فيها هو ديوان وزير الداخلية بالنيابة هشام المشيشي . وحسب المصدر فقد كان هذا " التهاون " من قبل وزارة الصحة  سببا في ما حصل يوم العيد بمراكز التلقيح من اكتظاظ وتدافع و" معارك " وغير  ذلك من مظاهر الفوضى. وهذا ما يفسّر حسب المصدر دائما قول رئيس الحكومة إنه لم يكن يعلم بالأمر إلا من قبل وسائل الإعلام... وهذا ما يفسّر أيضا أنه  أذن برفع دعوى قضائية ضد وزير الصحة المقال حسب نفس المصدر طبعا.

وإذا صحت هذه الرواية المهزلة فإن شيئا واحدا سيبقى في البال وهو : في القرن 21 ما زلنا في تونس نكتب على رقعة من الجلد ونرسل المراسيل على جيادهم لينقلوا تلك المكاتيب التي قد يصل بعضها بعد عام ... وقد لا يصل أبدا.

ج - م

 

التعليقات

علِّق