مهازل لا تحدث إلا في تونس : وزير الصحة يعلم بقرار إقالته عبر وسائل الإعلام ؟؟؟
ما دمنا نعيش في هذه البلاد لا غرابة في أن نسمع أو نرى كل يوم بل كل ساعة غريبة لا يمكن أن تحدث إلا في تونس. ومن بين هذه الغرائب ( أو بالأحرى هي مصائب ) التي قلّلت من شأننا وجعلتنا حديث القاصي والداني أننا لا نحترم الذات البشرية والبشر في جدّ ذاته وما الطريقة التي أقيل بها وزير الصحة فوزي المهدي إلا خير دليل على ما نقول. فقد أكّد المهدي على صفحته الخاصة أنه علم بقرار إقالته من خلال صديق له نبّهه إلى أن وسائل الإعلام نشرت خبر الإقالة فعلم الناس جميعا إلا هو المعني بالأمر فقد كان آخر من يعلم .
هذا التصرّف من قبل رئيس الحكومة غير مقبول من كافة النواحي وبكافة المقاييس. أنا لا أناقش قرار الإقالة أو صلاحية رئيس الحكومة في ذلك بل أناقش الطريقة . فمن أبسط الأمور ( على الأقل من الناحية الأخلاقية ) أن يتّصل رئيس الحكومة بوزيره أو أن يدعوه إلى الحضور إليه فورا ليعلمه بالقرار ويشكره على كل ما قام به خلال فترة توليه الوزارة مهما كانت خلافاته معه ومهما كانت المؤاخذات على أدائه أو قراراته. أما أن يقرّر رئيس الحكومة إقالته ( وهذا مثلما قلت من حقّه ) وأن ينفّذ ويعيّن وزيرا آخر بالنيابة وأن يسمع العالم كلّه بالخبر والقرار إلا الوزير المعني بالأمر فهذا تصرّف صبياني لا يليق برئيس حكومة يجب أن يكون القدوة لوزارئه كلّهم .
إن هذا التصرّف ( وهو ليس الأول من نوعه إذ سبقته تصرّفات أخرى حتى في عهود رؤساء حكومات سابقين ) ليس دليلا على التحضّر والقوة والاستقلالية مثلما يتبادر إلى ذهن رئيس الحكومة ومن أشاروا عليه بهذا الفعل. إنه دليل على أننا ما زلنا في دولة متخلّفة ...بل متخلّفة جدّا جدا ... لأن هذا الذي حصل لا يمكن أن نجده حتّى في بعض الدول ذات الأنظمة الشمولية الاستبدادية حيث يتم إعلام المسؤولين عند إقالتهم بطريقة أو بأخرى لأنهم في النهاية بشر سواء أخطؤوا أو أصابوا .
جمال المالكي
التعليقات
علِّق