من وحي خطاب الرئيس : هل من أولويات تونس اليوم المساواة في الميراث وزواج بعض التونسيات المسلمات بأجانب غير مسلمين ؟؟؟

من وحي خطاب الرئيس : هل من أولويات تونس اليوم المساواة في الميراث وزواج بعض التونسيات المسلمات بأجانب غير مسلمين ؟؟؟

 

في الوقت الذي تشهد فيه البلاد صعوبات جمّة على جميع الأصعدة والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يطالعنا رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة العيد الوطني للمرأة التونسية بأمور نتساءل هل إنها تمثّل أولويّة بالنسبة إلى أغلب التونسيين على الأقل  أم ليست كذلك ؟.
وفي هذا الظرف الذي عانت فيه مناطق عديدة من حرائق يعلم الله و " التحقيق " مأتاها وغاياتها وتعاني فيه البلاد عموما " حرائق " في أسعار كافة مواد المعيشة ... و يشهد فيه الجنوب احتقانا معلنا بسبب الشغل ومطالب الشباب التي تراجعت الحكومة عن أغلبها ... وعدد العاطلين ارتفاعا يوما بعد يوم  بقطع النظر إن كان ذلك مسؤولية الدولة أو غيرها يأتي الرئيس ليعلن اهتمامه بمسألة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل واهتمامه بمسألة زواج التونسية المسلمة بغير التونسي المسلم .
إن مسألة المساواة في الميراث لا نعتقد أنها تهمّ غالبية التونسيين والتونسيات بالإضافة إلى أنها أمر اختياري بين أفراد العائلة الواحدة الذين يتّفقون في ما بينهم على الصيغة التي ترضيهم لتقسيم الميراث بعد وفاة المورّث إذا كان للعائلة ميراث أصلا . فإذا اتفق أفراد العائلة بحضور المورّث على هذا الأمر فبها ونعم أما إذا اختلفوا فعليهم أن يطبّقوا ما هو موجود الآن بين  أحكام الشريعة وأحكام القانون .
وأما مسألة زواج التونسيات المسلمات بغير التونسيين المسلمين فإن هذا الأمر اختياري أيضا ولا نظنّ أنه في حاجة إلى قانون  خاصة أن الجاري به العمل أن المرأة  التونسية الراغبة في زواج مختلط لا شيء يمنعها من ذلك حتّى إذا كان الزوج غير مسلم وأن الفرق الوحيد بين زوج أعلن إسلامه وآخر تمسّك بديانته هو  في تسجيل عقد الزواج الذي يمكن إبرامه في تونس أو خارج تونس .
وبناء على كل هذا فإن السؤال الذي لا نجد له إجابة هو : هل من أولويات البلاد وفي هذه المرحلة بالذات  المساواة في الميراث وزواج التونسية المسلمة بغير المسلم ؟.
نقول هذا وقد لاحظنا العديد من ردود الأفعال التي تلت خطاب الرئيس  وأهمّها  لم يأت من شقّ يقال إنه متزمّت ومتشبّث بما جاء في القرآن والسنة بل جاء من الكثير من الحداثيين الذين وجد شقّ كبير منهم نفسه في إحراج لأنه مطالب بالدفاع عن " المشروع الحداثي لنداء تونس ومؤسسه الباجي قائد السبسي "  وشق آخر كبير أيضا قالها بصريح العبارة إنه غير موافق على المساواة في هذه النقطة بالذات ولا يرى أي معنى لتقنين زواج التونسيات المسلمات بغير المسلمين  ويرى أن ما خاض فيه الرئيس هو بالفعل خط أحمر. ومن هنا يتّضح أن هذين الأمرين قد شقّا المدافعين عن المشروع الحداثي للدولة  وقد مثّلا وسيمثّلان وقودا ( في اتجاه الرفض طبعا ) للعديد من البسطاء من ساكني المناطق البعيدة الذين يرفضون بنسائهم ورجالهم الخوض في مثل هذا الأمور أصلا . ولعلّ أغرب ما يمكن أن  يضع فيه الرئيس نفسه  من مواقف هو ما قيل من أنه قد يكون تعمّد شق صفوف النهضة من خلال هذين الموضوعين بالذات وشق الصفوف هنا يعني  بين البعض من قيادات النهضة التي توافق مواقف الرئيس من منطلق " التوافق " أو من منطلق المجاملة السياسية وبين قواعد النهضة التي يبدو أغلبها غير معني بهاتين المسألتين أصلا .
ومن جهة أخرى قال العديد من مناصري النداء والدولة الحديثة أنفسهم إن هذه الأمور ليست من أولويات البلاد في الوقت الراهن وأن الحديث عنها في هذا الوقت بالذات قد يكون مناورة سياسية يهدف من ورائها الرئيس إلى  " استعادة " ما ضاع من الأصوات النسائية التي كان لها الفضل الكبير في وصوله إلى قصر قرطاج .
ومهما يكن من أمر فإن تونس تحتاج اليوم إلى مجهودات مضاعفة في العمل والانتاج  والوضوح السياسي كي تتخطّى فترة الأزمة  التي لا نرى أن المساواة في الميراث وزواج بعض التونسيات  سيكونان الحلّين الأمثلين للخروج منها .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق