من غرائب الصدف : رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان بلا مستشارين في الإعلام والاتصال ؟

من غرائب الصدف : رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان بلا مستشارين في الإعلام والاتصال ؟

مع إعلان  سماح مفتاح   هذا اليوم عن استقالتها من منصبها كمستشارة لدى رئيس الحكومة مكلّفة بالإعلام  والاتصال يكتمل   " عقد الفراغ "  لدى  الرؤساء الثلاثة ( قيس سعيّد وهشام المشيشي وراشد الغنوشي ) الذين يجدون اليوم أنفسهم بلا مستشارين في مجال حسّاس ويحدد  بقدر كبير مدى نجاح كل واحد منهم أو مدى فشله .

وبالرغم من رحيل مستشار الغنوشي في الإعلام والاتصال خالد الحداد  الذي وافته المنية يوم 14 نوفمبر الماضي لم يقع تعويضه إلى اليوم. كما أنه لم يتم تعويض رشيدة النيفر المستشارة الأولى للرئيس قيس سعيّد المكلفة بالاتصال منذ أن قبل الرئيس استقالتها يوم 22 أكتوبر 2020.

ولعلّه من غرائب الصدف أن يكون مجال الاتصال عاطلا تماما لدى الرئاسات الثلاث وهو الذي كان يشكو من " سلبيات مزمنة " حتى في وجود المستشارين الاتصاليين .

ولا أعتقد أنه من الضروري التذكير في هذا الإطار ومهما كان الموقف من أداء الرئيس قيس سعيّد بأن المقرّبين منه وكذلك الخصوم يتّفقون على شيء واحد وهو أنه لم ينجح في التعبير أو التفسير أو في جعل الناس يشاركونه سياسته  لأنه لم يقدّمها بشكل واضح إما بتقصير منه وإما بتقصير من مستشاريه وخاصة في مجال الإعلام والاتصال.

 وأكثر من هذا : فمن خلال غوصه في " فيلم الرئاسة " منذ وصوله إلى قصر قرطاج لم يتسنّ للملاحظين إلا أن يسجّلوا غياباته المطوّلة وأخطائه التي بقيت في الأذهان . وهذه الأخطاء ليست واحدة أو اثنتين بل مجموعة من الأخطاء التي أساءت إلى صورته كرئيس وغذّت الشعور لدى البعض بأنه " هاو " في منصبه لا غير.

أما في ما يتعلّق براشد الغنّوشي فيمكن القول إنه من الصعب أن يستمع الناس إلى شخص لا يتمتّع بشعبية لدى الناس. وعلى هذا الأساس فإن عملية الاتصال عنده ومهما كان المكلف بها والمسؤول عنها لا يمكن أن تؤدّي إلى نتائج تذكر طالما أنه يجد صعوبة واضحة في أن يسكن قلوب الناس أو عقولهم دون اعتبار الانتقادات الكبيرة التي يلقاها من قبل الطبقة السياسية حتى في إطار حزبه الذي يرأسه منذ حوالي نصف قرن.

وأما رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي سكن قصر الحكومة بالقصبة منذ وقت غير بعيد وفي ظروف أزمة استثنائية فلم نلحظ أي وضوح في سياسته الاتصالية. ولا شكّ أن الأسباب عديدة لعلّ أهمّها الأسباب السياسية والاستراتيجية : من الصعب أن تبلّغ المقصود وأن يفهمك الآخرون إذا كنت  ضعيفا ومترددا وربّما من المستحيل أن تقود المجموعة إذا  كنت لا تريد أن تكشف عن نفسك وأن تكون واضحا.

وأمام هذه الوضعية التي تتسم بالفراغ في مصالح الاتصال لدى الرئاسات الثلاث من الضروري جدا أن يقوم المشيشي والغنوشي وخاصة قيس سعيّد باختيارات أفضل لمستشاريهم الاتصاليين لعلّ ذلك يساهم في " قلب الأوضاع " وتحسين صورهم وأدائهم خاصة أن البلاد تزخر بالكفاءات  التي لها ما تقول وتفعل في هذا المجال .

نور الهدى بن مراد

 

التعليقات

علِّق