مناقشة ميزانية هيئة الحقيقة والكرامة : ماذا قال النواب لسهام بن سدرين ؟

حمل عدد من نواب البرلمان خلال مناقشتهم لميزانية هيئة الحقيقة والكرامة صباح اليوم الإربعاء رئيسة الهيئة سهام بن سدرين مسؤولية "انحراف مسار العدالة الإنتقالية في تونس"، وفق تقديرهم، معتبرين أنها "غير محايدة وفشلت في أن تكون شخصية جامعة" وطالبوها بالإستقالة.
كما انتقدوا "بقاء " الهيئة خارج الرقابة ، مبرزين أن المجلس الوطني التأسيسي مكنها من خلال ما نص عليه في بعض التشريعات من الحصانة البرلمانية، مما أدى بشكل كبير إلى تمادي رئيسة الهيئة التي دخلت في صراعات نتج عنها خلافات سواء مع أعضاء الهيئة أو مع بعض مؤسسات الدولة، حسب تعبيرهم.
في المقابل استنكر آخرون من النواب أن تتحول جلسة مناقشة الميزانية إلى جلسة محاكمة لرئيسة الهيئة سهام بن سدرين ، مؤكدين أن الهيئة مستقلة وتعود بالنظر دائرة المحاسبات من حيث الرقابة وإلى المحكمة الإدارية من حيث إصدار القرارات .
كما نوهوا بالدور الذي تقوم به بن سدرين لإرساء مسار العدالة الإنتقالية .
وقد أشار نواب كتلة الحرة إلى أن العدالة الانتقالية فرصة ثمينة لإعادة كتابة التاريخ و تصفية حسابات الماضي في جانبه البغيض لكنها باتت توظف لتصفية حسابات سياسية، حيث قال النائب مصطفى بن أحمد "إن الهيئة تحولت إلى جمعية وتقوم بأعمال لجلب الانتباه بعيدا عن تحقيق دورها في هذا المجال ".
و انتقد تصرفات رئيسة الهيئة في علاقة ببعض المؤسسات والأحزاب وبأعضاء من داخل الهيئة ، ورفضها تطبيق أحكام المحكمة الإدارية ، معتبرا أنه لا يمكن للهيئة أن تبقى دون رقابة وذلك لإضفاء الشفافية والقطع مع الاتهامات و الإشاعات، وفق تعبيره.
ولفت النائب صلاح البرقاوي إلى أن موقف التونسيين من العدالة الإنتقالية تأثر بوجود بن سدرين على رأس الهيئة ، مشيرا إلى أن الجميع ينظر بتعاطف إلى ضحايا الاستبداد لكنهم يرفضون تحويل التعذيب إلى بضاعة لتسوية حسابات سياسية.
أما وليد جلاد فقد طالب رئيسة الهيئة بالإستقالة لانقاذ مسار الهيئة، معتبرا أنها لم تغلب روح التوافق لرفضها الأحكام القضائية ، مشيرا إلى أنها حولت الهيئة إلى أداة للتجاذبات السياسة بسبب شخصيتها التي وصفها بـ "الاستفزازية وغير المحايدة" وفشلت في أن تكون شخصية جامعة .
من جانبه أوضح الصحبي بن فرج أن انتقاد سير عمل الهيئة لا يعني رفض العدالة الانتقالية على اعتبار أنها السبيل الوحيد للمصالحة بين الماضي و الحاضر وإرساء مستقبل خال من الاحقاد ، مؤكدا في المقابل أن ما وقع خلال فترة المجلس الوطني التأسيسي أعطى نوعا من الحصانة لهيئة الحقيقة والكرامة لتصبح فوق القانون والمساءلة.
وبين أنه لم يتم تفعيل لجنة تحقيق برلمانية تعلقت برئيسة الهيئة نظرا لوجود تعليمات في الغرض ، وفق راويته.
من جهة أخرى أشار نواب نداء تونس إلى وجود تهم تتعلق بإهدار المال العام وبشبهات فساد، حيث أبرزت النائبة ليلى أولاد علي أن عدم الترفيع في ميزانية هيئة الحقيقة والكرامة لا يعني التنقيص من قيمتها وانما كان نتيجة وجود سوء تصرف في الميزانية السابقة لسنة 2016، متسائلة في هذا الجانب عن حقيقة وضع أموال تابعة للهيئة في شكل إيداع في بنوك خاصة مما يفتح مجالا للفساد من شأنه إفشال مكتسبات تونس و تعطيل ملفات الضحايا.
أما النائبة فاطمة المسدي فقد تحدثت عن وجود شبهات فساد وإبتزاز لرجال أعمال شأنها شأن النائبة ناجية عبد الحفيظ التي طالبت البرلمان بكشف التجاوزات صلب هيئة الحقيقة والكرامة مطالبة بن سدرين بالإستقالة.
أما نواب الجبهة الشعبية ، فقد اعتبر عبد المؤمن بالعانس أن العدالة الانتقالية التى انطلقت بهروب بن علي وحل التجمع والبوليس السياسي الذي نكل بالمعارضين السياسيين، لم تتقدم بالشكل المطلوب وكانت رهينة الحكومات المتعاقبة.
وأوضح أن المضي في مواصلة إدارة العدالة الانتقالية بهذه الطريقة لن يجنب الشعب والبلاد من إعادة إنتاج الكوارث التي جدت في الماضي، مبينا أن مسار العدالة مستهدف ولا بد من الشفافية لإعادة تصحيحه.
أما عدنان الحاجي فقد لفت إلى أن الهيئة ليست بمنأى عن الرقابة وإلى أنه لا بد من الاطلاع على ما يدور داخل الهيئة سواء في ما تعلق بالإنتدابات أو بغير ذلك من الملفات، مشيرا الي أن ملف الحوض المنجمي لم يطرح في العمق .
وأعرب عن أمله في أن لا تكون الهيئة تحت أي غطاء سياسي من أي طرف.
من جانبها طالبت هاجر بالشيخ أحمد (أفاق تونس) بضرورة إحالة ملف الهيئة على دائرة المحاسبات، منتقدة عمل الهيئة في ظل الشغور وعدم اكتمال النصاب ، ودعت إلى عدم الزج بالضحايا لتقسيم الرأي العام.
على صعيد اخر طالب نواب حركة النهضة والتيار الديمقراطي بضرورة الفصل بين الشخصي و المؤسساتي ، في علاقة بمسار العدالة الانتقالية ، على اعتبار أنه مسار تاريخي يؤسس لخطوات ترسيخ منطق الدولة.
وفي هذا الصدد بين نوفل الجمالي أن الهيئة نجحت في رسم الخطوات لإعادة كتابة تاريخ تونس رغم الصعوبات والتجاذبات ، مبينا أنها حققت نتائج على الصعيد السياسي في تونس التي خرجت إلى العالم و سوقت لتجربة ناجحة بفضل مسار الانتقال الديمقراطي وأن هذه المسألة جعلت منها استثناء في دول الربيع العربي.
كما أضاف أن ميزانية الهيئة ضئيلة مقابل المكسب الذي ستحققه تونس من مسار العدالة الانتقالية ، متسائلا عن كيفية هيكلة النقاش، والوصول إلى مبالغ مقبولة من الطرفين في إشارة إلى الهيئة ووزارة المالية.
من جانبه دعا حسين الجزيري إلى ضرورة الابتعاد عن التصفيات والانقسامات ، مبينا أن الوفاق هو الحل لأنه ساهم في إخراج البلاد من الأزمة سابقا .
أما غازي الشواشي (التيار الديمقراطي) فقد انتقد أن تتحول الجلسة إلى محاكمة لرئيسة الهيئة ، مشيرا الى أن الهيئة هى مستقلة وتتمتع بالشخصية المعنوية وتمارس مهامها بحيادية ولا يحق التدخل في أعمالها ، وفق الفصل 38 من القانون الأساسي لسنة 2013 المتعلق بالعدالة الانتقالية.
كما قال "لا وجود لفصل يفرض الرقابة من أية جهة كانت على أعمال هيئة الحقيقة والكرامة وأن الفصل 125 من الدستور يتعلق فقط بالهيئات الدستورية" ، موضحا أن هيئة الحقيقة والكرامة ليست دستورية وتخضع لدائرة المحاسبات والقضاء الإداري في جوانبها المالية والقرارات التي يتم إصدارها.
ويذكر أن عددا من نواب حركة النهضة قد قدموا إعتذاراتهم إلى عضو الهيئة عادل المعيزي لمنعه من حضور أشغال الجلسة ، لكن رئيس كتلة حركة نداء تونس سفيان طوبال قد عارض ذلك على إعتبار أن الجلسة التي عقدت بين رؤساء الكتل ورئيس المجلس قبل انطلاق الجلسة العامة قد أكدت على ضرورة عدم التطرق إلى المسألة خلال الجلسة العامة لعدم تعطيل الأشغال ، وقد أيده في ذلك رئيس الجلسة عبد الفتاح مورو.
التعليقات
علِّق