مغالطات حول الإتفاقية بين تونس وصندوق قطر للتنمية

مغالطات حول الإتفاقية بين تونس  وصندوق قطر للتنمية

بقلم الأستاذ أكرم الزريبي
بقطع النظر عن التوقيت المستراب و غير المبرر... فإن اتفاقية المقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية تتضمن امتيازات عادية جدا، يتمتع بها أغلب المستثمرين الأجانب في تونس منذ عقود من الزمن، وهي امتيازات أقل قيمة مقارنة بما تم منحه لمستثمرين آخرين مثل سمى دبي.

واستغرب كيف يتم اعتبار الاتفاقية بيعا لتونس؟ إذا كان فتح الحسابات البنكية بالدينار القابل للتحويل، واحقية تحويل الأرباح المحققة بالعملة الأجنبية، وحق التملك وحق التقاضي وحق استخدام عمالة اجنبية، تعتبر تنازلا عن السيادة التونسية، فوجب حينئذ إيقاف كل هذه الامتيازات التي تتمتع بها مئات الشركات الأجنبية والعشرات من المستثمرين الأجانب بتونس منذ عشرات السنين.

في المقابل تضمن الاتفاقية السيادة التونسية على مقر الصندوق بتونس، من خلال التنصيص صراحة على أنه لا يمكن أن يلجأ اليه أي شخص (تونسي أو اجنبي) يكون مطلوبا للقضاء التونسي، أي أنه لا يمكن تنظيره بمقرات البعثات الديبلوماسية، كما أن كل العمليات العقارية الداخلية التي يبرمها الصندوق بالبلاد التونسية تبقى خاضعة للنظام الضريبي التونسي ولا يمكن تمتيعها باي إعفاءات(الأداء على القيمة الزائدة العقارية مثلا).

مجالات تدخل الصندوق هي مجالات اقتصادية دأبت الدولة التونسية منذ الثمانينات من القرن الماضي على اعتبارها مجالات مغرية لجلب المستثمرين الأجانب، ويكفي الاطلاع على برامج الوزارات المكلفة بالاستثمار والهيئات والمؤسسات الوطنية ذات العلاقة، منذ عشرات السنين، لنجد أنها تركز على مجالات الطاقة والفلاحة والسكن والسياحة وتكنولوجيا المعلومات.

جيد جدا أن يختلف التونسيون في ترتيب أولويات اقتصادية أو يناقشون اتفاقيات اقتصادية لتحسين شروطها أو توفير أكثر ضمانات لجلب النفع العام للشعب وتحقيق الانتعاشة الاقتصادية... أما أن يتحول الأمر إلى اصطفاف إيديولوجي مقيت وهيجان ارعن للتشنيع بإجراءات عادية وإخراجها في مظهر الخيانة العظمى كي يرتعد الشعب ويرهب النواب ويلغوا اتفاقية لا لشيء إلا لوجود اسم قطر فيها، ولو كانت مع غيرها لسكتوا، فهذا ليس له سوى عنوان واحد ... تصفية الحسابات بين الاعداء الايديولوجيين على حساب المصلحة الحيوية للشعب.
الأستاذ أكرم الزريبي

التعليقات

علِّق