مشروع "حماية مدينتي بني خيار والمعمورة من الفيضانات": سلطة تدعم ومواطنون يرفضون
تعيش مدينة المعمورة من ولاية نابل منذ يوم 28 جويلية 2022 على وقع حالة من الاحتقان والإحتجاجات مردها رفض المتساكنين لما أطلق عليه إسم "مشروع حماية مدينة المعمورة من الفيضانات" المزمع تنفيذه من طرف وزارة التجهيز والإسكان والمتمثل ظاهريا في مد قنوات تصريف لمياه الأمطار تحت الأرض بهدف الحماية من الفيضانات، وذلك عن طريق تجميع المياه بسبخة المعمورة قبل أن تواصل طريقها إلى البحر.
وفي متابعة للوضع عن كثب، تبين أن أشغال المشروع قد انطلقت على الرغم من الرفض المجتمعي له والراجع حسب قول الأهالي الى أن مدينة المعمورة لم يسبق وأن تعرضت للفيضانات وأن المياه التي ستتدفق في القنوات المزمع مدّها ستتجمّع من مناطق صناعية مجاورة لمدينة المعمورة تقع شمال الطريق الجهوية رقم27 أين توجد عدة مصانع ومعاصر زيتون ومسلخ بلدي الغير مجهزين بشبكات تصريف المياه وغير خاضعين للرقابة ولا يحترمون قواعد حماية البيئة كما أن المخاوف تحوم حول تحوّل هذه القنوات الى قنوات لتصريف مياه الصرف الصحي وتجمّع الأوساخ والفضلات وتدفقها داخلها لتصب مباشرة بسبخة المعمورة ومنها إلى البحر وهو ما يخفيه الهدف المعلن للمشروع. وتلقى قسم العدالة البيئية بالمنتدى تشكيات أهالي المعمورة المحتجين على سياسة المرور بقوة المتبعة من طرف السلط المعنية لتنفيذ هذا المشروع الذي سينجرّ عنه حتما تلوث شاطئ البحر والسبخة وهلاك الأراضي المتاخمة لها وإنتشار الأوبئة مما ينبأ بكارثة بيئية وصحية وإجتماعية على المنطقة ومتساكنيها الذين يتجاوز عددهم 8000 ساكن.
وتجدر الإشارة إلى أن سبخة المعمورة مصنفة محمية بيئية دولية وفق اتفاقية رامسار لحماية المناطق الرطبة وكل تدفق للمياه المستعملة والملوثة إليها سيفقدها كل قيمة بما أنها تحتوي على نسبة ملوحة عالية وتستقطب أكثر من 60 نوع من الطيور المهاجرة التي تتغذى من ثروتها النباتية ، كما أن شاطئ المعمورة يمثل المتنفس الوحيد للأهالي ومورد رزق لعديد العائلات خاصة في الموسم الصيفي مع توافد المصطافين من جهات أخرى. وقد ساهم تردي الوضع البيئي مؤخرا في مناطق أخرى على غرار منزلتميموأريانة جراء اختلاط مياه الصرف الصحي والأمطار في تنامي مخاوف الأهالي، خاصة وأن مسار المياه يمر عبر العديد من الأراضي الفلاحية كما أن الدور السلبي لبلدية المكان التي اكتفت بالتصريح بأنه مشروع وطني لا يدخل في إطار صلاحياتها وأن الأمر يتعلق بتصريف مياه الأمطار لا غير زاد من حالة الاحتقان ودفع بالمحتجين إلى التصعيد.
وتنتصب حاليا بالمعمورة خيمة الاعتصام المعارض للمشروع تحت شعار "لا لمشروع إغراق المعمورة" أين يطالب الأهالي وزارة التجهيز والإسكان وبلدية المكان بإلغاء المشروع تماما في ظل وجود مغالطات فنية وتقنية في الدراسات الفنية وغياب دراسة التأثير على المحيط السابقة لإنجازه.
وأمام تواصل احتجاج أهالي المعمورة وتمادي السلط المركزية والمحلية في صمتها وإزاء الخطر المحدق بالمنظومة البيئية والصحية والإجتماعية واإلإقتصادية للمنطقة، يهم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن:
يعبر عن دعمه اللامحدود للاحتجاجات التي يقوم بها متساكنو المعمورة قصد الدفاع عن حقهم في بيئة سليمة والذي يكفله الدستور الجديد في فصله السابع والأربعين. ويدعو السلط المعنية للإصغاء الى مطالبهم والرد عليها بأكثر شفافية من أجل تجاوز الاحتقان الاجتماعي وتعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الوطنية،
يدعو وزارة التجهيز والسلط المعنية الى اتاحة ملف المشروع والدراسات المصاحبة له للعموم ويهيب ببلدية المكان أن تقف في صف الأهالي بإيجابية ولعب دورها وفق ما ينص عليه الفصل 240 من مجلة الجماعات المحلية.
يحمل المسؤولية كاملة لوزارة التجهيز والإسكان وباقي السلط المعنية في حالة وقوع كارثة بيئية وصحيّة من شأنها أن تضر بالمحمية البيئية العالمية سبخة المعمورة وبحر المعمورة وأن تحرم الأهالي من حقهم في بيئة سليمة وفي العيش الكريم وحقهم في الحياة.
التعليقات
علِّق