مسرحية " العنف " للفاضل الجعايبي : الثورة التونسية تلد وحشا وتثكل ابنائها

مسرحية " العنف " للفاضل الجعايبي : الثورة التونسية تلد وحشا وتثكل ابنائها

 

كان لجمهور الحمامات الدولي في سهرة امس الجمعة، موعد مع المسرح ،موعد مع احدث اعمال الفاضل الجعايبي وهو عرض "العنف" في سناريو لجليلة بكار والفاضل الجعايبي ونص جليلة بكار كذلك تولى الاخراج والسينوغرافيا والانارة الفاضل الجعايبي وهو عرض من انتاج المسرح الوطني .
ومسرحية العنف للفاضل الجعايبي يناهز عمرها 10 اشهر تقريبا ،تم عرضها في مناسبات عدة داخل الجمهورية وخارجها ،وقد شهد عرض ليلة امس اقبالا جماهيريا محترما من مختلف الاعمار .
تقاسم الادوار فوق الركح كل من جليلة بكار ،فاطمة بن سعيدان ،نعمان حمدة ،لبنى مليكة وثلة من المسرحيين الشبان وهم على التوالي نسرين مولهي ،ايمن الماجري ،احمد طه حمروني،معين المومني .
العنف مسرحية موجعة ،موغلة في الوجع ،فأنت كمتابع للمسرحية على امتداد ساعتين من الزمن او أكثر يعتريك احساس بالوجع الانساني الذي مافتئ يتنامى بعد الثورة ،فالاضاءة موجعة والديكورات موجعة ،و الموسيقى موجعة ،والقتامة موجعة وصيحات الفزع والخوف واقتلاع الحقيقة موجعة...
وجع ترجمه الممثلون فوق خشبة المسرح فاختلفت الديكورات وتداخلت من السجن الى المستسفى الى قاعة التحقيق وتضاربت الاقوال واضطربت الحركات بين جيئة ورواح وتشتتت الافكار وفاحت رائحة كريهة تخنق الاجواء حتى ان شخصية " لبنى " التي افتتحت المسرحية كانت تقي نفسها بمنديل وضعته لمدة طويلة فوق انفها حتى لا تخنقها رائحة الدماء المزكمة للأنوف، رائحة تناثرت في عدة اماكن وطالت كل فئات المجتمع فأصبح المجتمع متوحشا ،غريبا عن نفسه، حتى ان شخصية فاطمة عندما شاهدت وجهها في المرآة ملطخا بدماء ضحيتها ،كرهت نفسها وعافت ذلك الوحش الذي تملكها .
ومع تطور الاحداث تتوالى حكايات العنف تباعا ام تقتل ابنها ،تلاميذ يقتلون استاذتهم ،شاذ جنسي يقتل صديقه، عمليات ارهابية متواترة تحصد عشرات بل مئات الارواح ،فيظهر الوحش ويتضاعف حجمه ويطفو فوق السطح ،وحش تونسي يقتل تونسيا مثله من ابناء جنسه ،وحش يجثم فوق صدورنا في مشهد يزداد قتامة .
ما اراده الجعايبي في مسرحيته الوقوف عند ظاهرة العنف بكل اشكاله وتمظهراته بعد الثورة ،هي رؤية فنية اماطت اللثام عن "الانسان الوحش" من خلال مشاهد قاسية ومرعبة تهز كياننا وتمس اعماقنا فتدعونا للتساؤل ماهي الاسباب وراء تفشي الجريمة ؟ مالذي يدفع "الانسان الوحش " الى التمرد؟

 

التعليقات

علِّق