ما لم يٌقل عن القمة الصينية – السعودية !

ما لم يٌقل عن القمة الصينية – السعودية !

فى مناخ دولى عاصف غير مسبوق ، تتبع الدول خاصة المؤثرة منها سلوكيات من شأنها تعزيز نفوذها الإقليمي والدولى فى عالم ينحو أكثر فأكثر الى تعدد قطبي  غير متكافىء   Multipolarité en mode asymétrique بين قوى وتكتلات اقتصادية  كبرى وأخرى إقليمية صاعدة تبحث عن مكان لها تحت الشمس بعد غروب استمر لعقود طويلة ...

فى خضمّ هذه الأمواج الهائجة، تمكّن الربان الشاب ولىّ العهد السعودى  من الاستفادة الذكية دون مجازفة من حركة المدّ والجزر الدولية المجنونة وذلك من خلال توجيه رسائل مضمونة الوصول لمن يهمهم الأمر مفادها ان  المملكة العربية السعودية اليوم مختلفة تماما عن البارحة  حيث لم يعد فيها مكان  لحالة "السبات الجيوسياسى"  Hibernation géopolitique التى عرفتها  لسنوات خلت...  

من هذه المنظور الجيو- سعودى الفاعل للعلاقات الدولية  يمكن فقط  استكشاف "المخرجات الرمزية المكثفة" للقمة الصينية السعودية - الغائب الكبير عن دائرة التحاليل والتعليقات المتداولة -  حيث ان اللاعب السعودى نجح بحركة مزدوجة من  توجيه ورقة صفراء فى وجه حليفه التقليدى "الولايات المتحدة" للتوقف عن التعامل معه بمنطق تسعينات القرن الماضى، ومن التأكيد فى ذات الوقت ان العلاقات مع الصين على أهميتها الاستثمارية القصوى لا تعدو ان تتجاوز أفق الشراكة الاقتصادية لا غير دون الارتقاء إلى مستوى التحالف الاستراتيجى، فالخيط بين "الشريك "و"الحليف" رفيعا جدا...

إذا ما الذى كان يبحث عنه الزعيم الصينى ؟

منافسة الولايات المتحدة فى مناطق نفوذها التقليدية،

استمالة المملكة  السعودية واستدراجها فى لعبة المحاور الدولية،

تأمين سلاسل إمدادات الطاقة الخليجى والسعودي على وجه الخصوص،

محاولة جرّ الدول العربية للوقوع فى "مصيدة الديون الصينية" على غرار ما يحصل اليوم  مع عدد من الدول الإفريقية،

تهيئة المنطقة الخليجية سيكولوجيا للانخراط الفعلى فى "مبادرة الحزام  والطريق"...  

لكن ما الذى حصل عليه عمليا  ؟

من وجهة النظر الجيوستراتيجية : النتيجة قاربت الصفر حيث انه لم يتمكن من الفوز بصفة "الحليف الاستراتيجى" للمملكة، كما لم يعقد مذكرات تفاهم حول "مبادرة الحزام والطريق" مع مجلس التعاون الخليجى، فالمملكة السعودية برصيدها القيادى الشبابي وقدرتها على تثمين خبرات من السنين المتراكمة أمست تتقن بشكل جيد عملية تحريك قطع الشطرنج بما يتماهى ومصالحها القومية فى بعديها الاقليمى والدولى   .

من وجهة النظر الجيو-إقتصادية :   يبدو أن الصين توصلت خلال هذه القمة من تأمين سلاسل إمدادات النفط الخليجى عموما والسعودية على وجه الخصوص، ومن إبرام عقود استثمارية ضخمة، ان تحققت، قد تساعدها فى المنظور المتوسط من الحدّ من التداعيات الاقتصادية الكارثية لسياسة "صفر كوفيد".

فى انتظار اختراقات جيو- سعودية جديدة، يواصل القطار السعودى السريع سيره وسط ضباب اقليمى ودولى شديد ...

بقلم : محجوب لطفى بلهادى  متخصص فى التفكير الاستراتيجى

  

التعليقات

علِّق