ليست هنا إطلاقا : ما سرّ غيابها المتواصل و" العركة " بين التلفزة الوطنية والتظاهرات الرياضية ؟

ليست هنا إطلاقا : ما سرّ غيابها المتواصل  و" العركة " بين التلفزة الوطنية والتظاهرات الرياضية ؟

 

خلال  شهرين تقريبا شهدت الساحة الرياضية إقليميا ودوليّا العديد من التظاهرات المهمّة التي شاركت فيها تونس من خلال  منتخبات أو فرق رياضية مختلفة . وعلى سبيل المثال دارت بطولة العالم للشباب في كرة اليد في الجزائر أي على بعد خطوتين من  مبنى " التلفزة  الوطنية "  التي لو طلبت من البعض من صحافييها أن يذهبوا إلى هناك مشيا على الأقدام لذهبوا وعادوا بالمطلوب من صور وريبورتاجات وحوارات وكل ما يتعلّق بتلك البطولة . كما دارت منذ  أيام البطولة العربية للأندية في كرة القدم بمصر وعاد الترجي بتاجها مثلما نعلم جميعا . وفي الوقت الذي كانت  قناة الأردن الرياضية مجنّدة لمتابعة البطولة ومتابعة فريق الفيصلي  تحديدا ... وفي الوقت الذي كانت القنوات الرياضية السعودية والإماراتية وقناة النيل الرياضية المصرية  تجتهد وتعمل من أجل مواكبة الحدث بكل جزئياته وتفاصيله كانت قناتنا الوطنية في رحلة لصيد العصافير والبجع بمحميّة إشكل الوطنية .
وفي نفس الفترة تقريبا شارك النادي الصفاقسي في بطولة " تبوك الدولية " بالمملكة العربية السعودية وخاض الدور النهائي في هذه الدورة إلا أن تلفزتنا كانت في الأثناء تبحث في كتب التاريخ عن قصر مهجور في سكوتلاندا أو قصر عاش فيه أحدج قياصرة روسيا سنوات قبل أن يقتل  لتفيدنا بمعلومات عنهما   قد لا نجدها لا في السنج ولا في الهند .
وخلال هذه الأيام احتضنت مصر البطولة العربية للسيدات ( منتخبات ) وقد شارك منتخبنا الوطني أمس الخميس بالذات في الدور النهائي الذي خسره في اللحظات الأخيرة ضد منتخب مصر . وفي نفس الوقت الذي كان يجري فيه اللقاء في نقل مباشر على " السعودية الرياضية " وقناة " النيل الرياضية " وقناة " أبو ظبي الرياضية " كانت  عشيرتنا وعزيزتنا ( الوطنية الأولى) بصدد تقديم برنامج وثائقي عن صنع الحاويات ...؟؟؟.
وبكل تأكيد سيتحجج أصحاب الشأن في هذه القناة بقلّة الإمكانات والتكلفة المرتفعة ربما لنقل مثل هذه التظاهرات وغير هذا  من الخرافات التي صدّعوا بها آذاننا إلى درجة أننا أصبحنا نتساءل باستمرار: هل أن الفرق والمنتخبات التي تشارك في هذه الدورات تنتمي إلى تونس أم إلى دولة أخرى ذلك أن أضعف الإيمان أن تجتهد التلفزة من خلال جيش الصحافيين والتقنيين الذين " يضربوا في النوم العام 12 شهر " فتقدّم لنا ملخّصات على الأقل وبعض الصور الحية من قلب الأحداث  لا أن تكتفي بخبر يتيم في نشرة أنباء الثامنة  وعادة ما يكون " بايت "  أن الجماعة  يأتوننا بعد أكثر من 24 ساعة ليعلمونا بأن الترجي مثلا فاز بالبطولة العربية والحال أن كافة سكّان هذا الكون  بمن فيهم أولئك الذين ماتوا منذ العهد الفرعوني الأول على علم بالنتيجة وبالتفاصيل وبكل ما يتعلّق بذلك اللقاء .
إن الحكاية وما فيها أن هذه التلفزة التي ندفع نحن أجور العاملين فيها من " شاوشها " إلى رئيسها المدير العام  لا تكاد تعير أي اهتمام لأي مشاهد يسكن هذه الأرض التونسية . ولعلّ المرض المزمن الذي تعاني منه هذه المؤسسة منذ سنوات عديدة هو عقلية الكسل والتواكل والاتكال وعدم " تخديم الجمجمة " إلا في أمور أخرى نعرفها جيّدا نحن معشر الصحافيين ومنها على سبيل الذكر لا الحصر أن البعض ممّن يعمل في هذه المؤسسة وإضافة إلى أنها التحق بها بالوساطة وليس بالكفاءة فإنه يقضي اليوم كاملا في المقهى أو نائما ويقضي كافة أيام الشهر تقريبا بعيدا عن مقر عمله ثم لا يتذكّر أصلا أنه يعمل هناك إلا عندما يقترب الشهر من نهايته فيتصّل بصديق أو زميل ليسأله ذلك السؤال الجميل : " صيّوشي؟ " .
وبكل صدق أعتقد أنه حان الوقت  لمراجعة الكثير من الأمور في هذه المؤسسة التي لو قمنا بسبر آراء حقيقي في البلاد لوقفنا على حقيقة مفزعة  وهي أنها لا تمثّل أغلب التونسيين حتى لا نقول كلّهم . ولو كان الأمر بيدي لرفعت فورا عن التونسيين إجبارية دفع أجور العاملين فيها من خلال فاتورة " الستاغ " ولاجتمعت  بكافة هؤلاء العاملين لأقول لهم شيئا واحدا وهو : انطلقوا الآن بعد أن رفعت عنكم الدعم . فإما أن تثبتوا أنكم جديرون بالبقاء وإما أن تغلقوا المؤسسة بعد نحو عام من الآن فلعلّ ذلك ينزع من رؤوسكم تلك العقلية المدمّرة التي تتلخّص في العبارة الشهيرة : رزق البيليك .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق