لغز " المترو رقم 1 " : نشل وسرقات و " براكاجات " على مدار الساعة فلماذا لا يرى الأمن هذه " الأشباح " ؟

بكل المقاييس أصبح " المترو رقم 1 " الرابط بين بن عروس وساحة برشلونة كابوسا حقيقيّا بالنسبة إلى الكثير من المستعملين . فعلى مدار الساعة تقريبا أصبح هذا "الكارثة " مسرحا لعمليات السلب والسطو والسرقة والاعتداء على الناس بمختلف أنواع الأسلحة أحيانا . وبات من العادي جدّا أن تقوم مجموعات من المنحرفين بنشل أو سلب هواتف الركاب وأموالهم وساعاتهم وكل ما تقع عليه أعينهم دون أن يلقى هؤلاء المجرمون الردع اللازم الذي لا نعتقد أنه صعب أو معقّد أو مستحيل .
وقبل أن نطرح بعض الأسئلة والإستفهامات في هذا الموضوع بالذات سنروي لكم ما حدث منذ بضعة أيام لشخص في الستين من عمره عندما كان داخل " المترو " في اتجاه منزل أخته الكائن بجهة الكبّارية حوالي الساعة العاشرة ليلا . فقد التفّ حوله حوالي 6 منحرفين وطالبوه بما عنده ... ورغم اختلال موازين القوى فقد انهالوا عليه ضربا من كافة الاتجاهات فأحدثوا له الكثير من الأضرار بفمه وجنبه الأيسر بالخصوص ممّا استوجب زيارة الطبيب الذي عاين الأضرار ومنحه راحة بنصف شهر مبدئيّا .
وفي الواقعة ذاتها سلب منه المنحرفون هاتفه الجوّال ومحفظة بها العديد من الوثائق الخاصة ووثائق العمل ( الرجل باعث عقّاري ) وقبّعة كان يضعها على رأسه اتقاء لهذا البرد الجارح .
وقد تحامل المتضرر على نفسه حتى وصل إلى منزل شقيقته فأعلم عمّا حصل له قبل قليل ثم أدلى بأوصاف البعض من الصعاليك الذي هاجموه وضربوه وسلبوه . ولعلّ من حسن حظّه أن ابن شقيقته تعرّف من خلال الأوصاف على أحد أهمّ أفراد العصابة فطلب من خاله أن ينتظر قليلا ريثما يعود . ولم يكد يمضي وقت طويل حتّى عاد الشاب فعلا ومعه الهاتف الجوّال والمحفظة . وعندما طلب منه الخال المتضرر أن يمدّه بهوية الشخص الذي استرجع منه الهاتف والحقيبة كي يقدّم ضدّه شكوى للأمن نصحه الشاب بأن يصرف النظر عن هذا الموضوع لأن ذلك الشخص منحرف خطير ويمكن أن يعمد إلى الانتقام لو علم بأن أحدهم اشتكاه إلى الأمن . ومع ذلك حمل المتضرر ما تبقّى له من جرأة وصحّة وذهب لتقديم شكوى إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس مطالبا بتتبّع كل من سيكشف عنه البحث .
هذه الحادثة تكاد تتكرّر عشرات المرّات في اليوم على هذا الخط بالذات . ورغم ذلك ما زال هؤلاء المنحرفون يصولون ويجولون ويفعلون ما يحلو لهم وما يشاؤون . وقد بات الناس جميعا يعرفون أن هؤلاء المنحرفين " يعملون " بين المحطّات الأربع الواقعة بين الكبّارية وحيّ النور ذهابا وإيابا . وهي المحطات التي تتوفّر لهم فيها " حماية مجهولة " من أيّ طارئ محتمل . وبما أن الحكاية معروفة وعمرها أكثر من خمس سنوات على الأقل فإن السؤال المطروح بإلحاح هو : لماذا يعرف كل الناس ولا يعرف أولئك الذين من المفترض أن يعرفوا قبل كل الناس ؟. ثم ما هو السرّ أو الأسرار التي تقف وراء غياب الردع الذي لو توفّر وبشدّة لما كان لهؤلاء المجرمين أن يتمادوا في إجرامهم الذي بات على مرأى ومسمع من الجميع ؟. هل هم فوق القانون ؟.لا نعتقد ذلك ؟. هل هم أشباح لا تراهم أعين الأمن ؟. لا نرى ذلك طبعا . إذن ما الأمر وما حكايتهم ؟.
وطبعا عندما نقول هذا ونتساءل يجب أن نعلّل هذه التساؤلات . فغير بعيد عن هناك وتحديدا على الخط رقم 6 عاش مستعملو المترو فترات صعبة وعصيبة بسبب العمليات الإجرامية التي كان يأتيها منحرفون من نفس المنطقة تقريبا . لكن عندما توفّرت العزيمة لدى الأمن في اجتثاثهم وإعفاء الناس من شرورهم كان للأمن ما أراد فلم يعد الناس يتعرّضون إلى السرقة أو النشل أو السطو أو غيره إلا في حالات قليلة ونادرة . ومعنى هذا أن ما حصل على الخط رقم ما الذي يمنع حصوله على الخطّ رقم واحد خاصة أن مساحة نشاط هؤلاء المنحرفين تكاد تكون واحدة ؟. إن ما يحصل يدعو إلى الدهشة ويحمل الناس إلى استنتاجات كثيرة نترفّع عن ذكرها رغم أن بعضها واضح . فهل تتحرّك همم أصحاب القرار في المؤسسة الأمنية فتريح الناس من هذا الكابوس المزعج الذي ما فتئ يكبر يوما بعد يوم ؟.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق