لطفي مولاهي : الدولة هي المسؤولة عن حرمان المواطن من الزيت النباتي المدعّم وقد نغلق كافة مصانعنا إذا تواصلت الأزمة

لطفي مولاهي :  الدولة هي  المسؤولة  عن حرمان المواطن من  الزيت النباتي المدعّم وقد نغلق كافة مصانعنا إذا تواصلت الأزمة

أكّدت  وزارة التجارة  آخر الأسبوع الماضي أن الزيت المدعّم بات موجودا في السوق وأن الأزمة التي تعرفها البلاد منذ سنوات في هذه المادة الأساسية ستعرف نهايتها قريبا . لكن واقعيا فإن هذه  الأزمة  متواصلة ولا يبدو في الأفق أي حلّ لها في ظل  تراكم المشاكل في هذا القطاع وخاصة في ما يتعلّق بمسالك التوزيع والتقليص من الحصص المخصصة للمنتجين من المادة الأولية التي يقوم ديوان الزيت بتوريدها .  ومثلما نعلم فإن   هذه الأزمة تهمّ ملايين من التونسيين المنتمين إلى الطبقة الفقيرة والطبقة  " المتوسّطة جدّا " إن كانت موجودة أصلا .

وفي هذا السياق تحدّثنا إلى السيد لطفي مولاهي رئيس المجمع المهني لمعلّبي الزيوت النباتية المنضوي تحت لواء  كنفدرالية المؤسسات المواطنية ( كوناكت ) فبيّن لنا مرّة أخرى الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة التي يبدو أن هناك أطرافا معيّنة لا تريد أن تجد لها الحلول رغم وضوحها خدمة لمصالح أطراف أخرى معروفة .

يقول السيد لطفي مولاهي : " الأزمة ليست وليدة اليوم إذ عشناها  سنتي 2019 و 2020 وها إننا نعيشها أيضا مع بداية سنة 2021 . وهذه الأزمة التي باتت مزمنة تسببت في نقص   الكميات المعروضة  من الزيوت النباتية المدعّمة على مما أثار استياء المستهلك الفقير الذي لا يستطيع العثور على هذا المنتج الضروري للاستهلاك .وبالرغم من دعواتنا  المتكررة إلى ضرورة التزام الدولة بتوريد الكميات  اللازمة ( 165000  طنّ سنويّا ) حتى نتمكّن  من إنتاج ما يكفي السوق التونسية فإن وزارة التجارة تواصل منذ مدة سياسة الهروب إلى الأمام وسياسة من لا يرى ولا يسمع ولا يتكلّم. هذه الحصة السنوية المقدرة ب165000طن  تقلّصت إلى 148000طن سنة 2019 والي 138000طن سنة 2020

من قبل  الديوان الوطني للزيت وكان هذا التقليص ممنهجا ومبرمجا  والحصيلة  أن المواطن لم يحصل على   حوالي  44 مليون لتر من الزيت ما بين سنتي  2019 و 2020 .

وأمام كل هذا المشاكل المتراكمة أصبحت المصانع التي تنتج الزيوت النباتية المدعّمة وعددها 43 مصنعا  موزعة على كامل تراب الجمهورية تعاني منذ فترة طويلة من شبه بطالة فنيّة تامة  تعوّدنا عليها منذ بضع سنوات وخاصة خلال شهر جانفي من كل سنة . وأصبح بالتالي مصير أصحابها ومصير نحو 10 آلاف عامل فيها  مجهولا ومهدّدا  أكثر من أي وقت مضى.".

توزيع غير عادل

ويواصل رئيس المجمع حديثه قائلا : " لكل مصنع من هذه المصانع حصّته من المادة الأوليّة التي يستوردها ديوان الزيت . إلا أن السلطة  قامت من تلقاء نفسها بتعديل حصص البعض من المصانع فأصبح التوزيع غير عادل ودفعت ثمنه الجهات المهمّشة كالعادة على غرار القيروان وسيدي بوزيد والقصرين وقفصة وغيرها . وبالإضافة إلى ذلك هناك مشكل دائم في التوزيع  يمنع وصول الكميات المنتجة إلى المواطن . ففي تونس كان عندنا حوالي 35 ألف تاجر تفصيل ( عطّار ) يبيعون الزيت المدعّم للناس. فجاءت الدولة وطالبتهم بضرورة أن يكون لهم " باتيندة " حتى يتسنّى لهم البيع . وأمام تعذّر ذلك تقلّص العدد إلى نحو 20 ألفا. كما أن تجاّر الجملة ( وكان عددهم حوالي 2700 تاجر ) الذين يمثّلون حلقة الربط بين المنتجين وبائعي التفصيل مورست عليهم ضغوطات عديدة وتعرّض العديد منهم إلى غرامات مالية ( لأسباب تبدو بسيطة للغاية في أغلب الأحيان ) كبيرة ومنهكة جعلت الكثير منهم يغادرون القطاع فأصبح العدد حاليا حوالي 1700 تاجر جملة . وكل هذا يؤدّي بالطبع إلى نقص في تزويد المواطن بهذه المادة الحيوية في حياته خاصة في ظل الطلبات المتزايدة التي يقابلها نقص في الإنتاج . ".

مللنا من تكرار نفس الطلبات

ويختم السيد لطفي مولاهي حديثه معنا قائلا :" لقد كاتبنا كافة الأطراف المعنيّة بمختلف درجاتها ومسؤولياتها من أجل لفت النظر إلى هذا الوضع الخطير جدا للقطاع وحثّ السلط المسؤولة على الاستجابة إلى مطالبنا  المشروعة والمنطقية  التي  تهمّ ملايين التونسيين وليس أصحاب المصانع فقط .  وقد قدّمنا الكثير من الاقتراحات والحلول العملية الكفيلة بإنهاء الأزمة بصفة نهائية تضمن تزويد السوق بصفة منتظمة بمادة الزيت النباتي المدعّم لكن يبدو أن لا أحد يسمعنا أو لنقل لا أحد يريد أن يسمعنا وأن يسعى معنا إلى حلّ المشاكل المتراكمة رغم أن الحلول سهلة ولا تكلّف الجولة ملّيما إضافيّا واحدا. ويبدو كذلك أن الدولة ( من خلال بعض مؤسساتها المتدخلة في القطاع ) لا يهمّها مصير أكثر من 10 آلاف شخص من المنتسبين لهذا القطاع إلى درجة أننا أصبحنا عل شبه يقين بأن الأمر مقصود خدمة لأطراف أخرى قد تكون تسعى وتعمل على فقدان هذا النوع من الزيت نهائيا من السوق وبالتالي فسح المجال أمام منتجات أخرى ستفرض على المواطن الذي لن يقدر على سعرها الذي نعرف جميعا أنه أضعاف أضعاف سعر الزيت النباتي المدعّم حاليا. وها إننا من خلال كافة وسائل الإعلام ندعو  مرة أخرى السلطة إلى التدخل العاجل لإنقاذ القطاع والعاملين فيه قبل فوات الأوان وقبل أن نكون مضطرّين إلى اتخاذ خطوات أخرى سلبية على الجميع نتيجة  خيبة الأمل التي أصابت الجميع ... فهل من مجيب يراعي مصلحة المواطن والوطن ؟".

جمال المالكي

التعليقات

علِّق